المحور الثالث: الطبيعة والنشاط الإنساني،
تأطير إشكالي: لقد دخل الإنسان ومنذ بداياته
الأولى في علاقة مع الطبيعة تمثلت أولا في الصيد والتقاط الثمار، ثم تطورت العلاقة
مع ظهور الزراعة إلى أن بلغت ذروتها مع ظهور الصناعة، وهنا أصبحت الطبيعة موضوعا
للنشاط الإنساني. فبماذا اتسمت علاقة الإنسان بالطبيعة؟ بالانسجام والتناغم القائم على التأمل أم بالصراع ومحاولة التحكم فيها واستغلالها؟
أولا: تحليل نص روني ديكارت الإنسان سيد ومالك للطبيعة
أسئلة النص:
ما الذي يجعل الإنسان سيدا
للطبيعة ومالك لها؟ كيف استطاع ذلك؟ وبأي معنى هو سيد لها؟
أطروحة صاحب النص؛
لقد ربطت الإنسان بالطبيعة علاقة مبنية على الصراع حيث كانت الطبيعة تشكل له لغزا صعب الحل، ولكن هذا اللغز بدأ يكشف عن أسراره ومفاتيحه بفضل العلم الطبيعي، الذي مكن الإنسان من تحقيق غايته من دراسة ظواهر الطبيعة: من رخاء وازدهار اقتصادي واجتماعي عبر التحكم في تلك الظواهر ومعرفة قوانينها وبالتالي التنبؤ بها وأخذ التدابير اللازمة لتجنب أخطار الطبيعة، أكثر من ذلك فقد أصبح باستطاعة الإنسان إعادة صنع تلك الظواهر. إذن الإنسان مالك للطبيعة وسيد عليها.
مفاهيم النص:
الفلسفة النظرية: يقصد بها
الفلسفة اليونانية التي تقوم على التأمل العقلي وبلوغ الحقيقة دون الحاجة إلى
اللجوء لتطبيقات ميدانية تجريبية،
الفلسفة العملية أو العلم
الطبيعي: هي الفلسفة التي تستمد مبادئها من العلوم الحقة وخاصة من العلم الطبيعي،
وهي تزاوج بين ما هو نظري عقلي وما هو تجريبي واقعي.
حجاج النص:
حجة بالمقارنة: المقارنة بين
الفلسفة النظرية والعلم الطبيعي، بهدف نقد الأولى وبيان أنها لا تقدم أية منفعة
مادية للإنسان، وذلك على خلاف العلم الطبيعي أو الفلسفة العملية،
حجة بالسلطة المعرفية: ((الأنا)) تقديم
تجربته الشخصية لإثبات دعواه،
حجة بالمثال: تقديم أمثلة عن
بعض الظواهر الطبيعية (الماء، الهواء، النار)، لإبراز فائدة العلم الطبيعي
والفلسفة العملية في معرفة القوانين التي تحكم الظواهر، وبالتالي إمكانية التحكم
في تلك الظواهر،
ألية الاستنتاج: يبرز لنا في الأخير الغاية من التحكم في الطبيعة وهي حفظ صحة الإنسان باعتبارها أعظم الخيرات.
ثانيا: تحليل نص راسل من السيطرة على الطبيعة إلى الانسجام معها
الإجابة عن أسئلة الفهم:
- يميز راسل بين مرحلتين أساسيتين في تصور الإنسان للطبيعة هي: مرحلة اليونان القديمة والمرحلة الحديثة، والتعليل: "لقد كانوا رجالا ذوي عقل عاطفي جبار"، "ومن قوة عاطفتهم العقلية نتجت حركة العلم الحديث كلها".
- علاقتهما: وجود تطور إيجابي، التعليل: "قد أخذ يغتصب منه مكان القيادة على أساس نجاحه الغير منتظر".
- بدا راسل في حديثه عن المرحلتين: مطالبا بالتوفيق بين المرحلتين، لأن: غايات الحياة ينبغي أن تمنح البهجة والسرور والمتعة.
- فهمت من عبارة "بأن غايات الحياة ينبغي أن تمنح البهجة والسرور والمتعة" لأن: الإنسان عندما يصبح منسجما مع الطبيعة لا مسيطرا عليها فإنها تمنحه البهجة والسرور والمتعة.
إشكالية النص:
يثير النص إشكالية علاقة الإنسان بالطبيعة، ويمكن
صياغتها كالتالي:
كيف كانت علاقة الطبيعة بالأيونيين؟
وكيف أصبحت مع الإنسان في كنف العالم الحديث؟
كيف تحول الإنسان من عاشق
للطبيعة إلى طاغية مسيطر عليها؟
أطروحة النص: علاقة الإنسان بالطبيعة
يقدم راسل في نصه أطروحة يجيب فيها عن الإشكال المطروح،
فعلاقة الأيونيين بالطبيعة كانت علاقة حب وعشق إن لم نقل قداسة لكونها شكلت
معبودتهم الساحرة، إلا أن هذه العلاقة وبعد ظهور العلم الحديث تحولت إلى علاقة
سيطرة وهيمنة.
مفاهيم النص:
اعتمد راسل في النص على بنية مفاهيمة غنية ومتنوعة يطغى
عليها طابع التقابل وأبرزها: العلم، الطبيعة، باعث الحب، باعث السيطرة،
الإطار المفاهيمي:
نظرة اليونان للطبيعة |
نظرة العلم الحديث للطبيعة |
تأمل
الطبيعة. معرفة
الطبيعة. الإنصات
إلى الطبيعة. احترام
ومحبة الطبيعة. |
تسخير
الطبيعة. الانسجام
مع الطبيعة. السيطرة
على الطبيعة. استخراج
خيرات الطبيعة |
- تصور الأيونيون الطبيعة وجودا
يتمتع بقيم وحقوق على الإنسان احترامها، التعليل: "وكان الإنسان من أثر حبه
لها أن علقت بها أفكارهم.
- خصائص نشاط الإنسان في الطبيعة
تتمثل في: استغلال ثروات الطبيعة، التعليل: "أصبحت الطبيعة عبارة عن هيكل من
العظام المقعقعة".
- يكمن البحث عن سعادة الإنسان
حسب راسل: في البحث عن الانسجام مع الطبيعة، التعليل: إن غايات الحياة تنبغي أن
تمنح البهجة والسرور والمتعة.
أفكار النص الأساسية:
- يعتبر الفلاسفة الأوائل أول محب وعاشق للطبيعة لأنهم كانوا فقط يتأملون في الطبيعة ويسترخون فيها بأبصارهم.
- شعور الفلاسفة اليونانيين بالجمال العظيم مع عشقهم لجمال الطبيعة وسحرها.
- من قوة وعاطفة وعقل الفلاسفة اليونانيين الكبار ستظهر حركة العلم الحديث كلها.
- هذه الحركة حولت الإنسان من عاشق للطبيعة ومحب لها إلى طاغية جبار مسيطر عليها.
- نمو حركة العلم الحديث نتج عنها انتصار السيطرة.
- بعد انتصار الإنسان على الطبيعة أصبحت هيكلا من الحطام وبالتالي لم تعد ملك للمحبوب بل أصبحت ملكا للمحب.
- تساؤل الرجل العملي عن أهمية الألم الذي قد يشكله مسبقا.
- دعوة راسل إلى تحقيق البهجة والمتعة والسرور من الطبيعة عوض السيطرة عليها.
استنتاج: موقف صاحب النص:
يعرض راسل في هذا النص نظرة الفلاسفة اليونانيين للطبيعة، معتبرا أن نظرة الفيلسوف اليوناني للطبيعة كانت نظرة عاشق لها ومحترم لقوانينها، وكانت بمثابة معبودتهم الساحرة وانجذبوا إليها بعقل عاطفي جبار، ومن قوة هذا العقل برزت حركة العلم الحديث كلها التي شكلت منعطفا حاسما من خلاله تحول رجل العلم من عاشق ومحب للطبيعة إلى طاغية جبار مسيطر عليها، ليبقى في الأخير مكمن السعادة مع راسل في تحقيق الإنسان مع الطبيعة.