تحليل نص المقامة الصنعائية للحريري أولى باك

المقامة الصنعائية - الحريري - أولى باك أدب

نموذج من أدب المقامة في النتر العربي القديم: المقامة الصنعائية.

تــأطــيـر:

     للشعر مكانة عالية، فهو ديوان العرب وجامع أخبارها وذاكرة أمجادها، إلا أن هذه المكانة بدأت تتحول مقابل مكانة النتر الصاعدة نتيجة تصاعد خطى الدولة وتحولات المدينة الكبيرة التي أصبح النتر لغتها في مناظراتها وخصوماتها السياسية ورسائلها...

وقد حفل مجال النتر العربي بنصوص متنوعة منها ماهو حكائي سردي؛ كالمقامة وماهو حجاجي كالخطابة والمناظرة والترسل.

ملاحظة النص:

انطلاقا من العنوان والسطرين الأولين، وبعض المؤشرات الأخرى أفترض أن النص سيتحدت عن بعض الأحداث التي شهدها الكاتب أثناء زيارته لصنعاء.

الفهم:

بعد قراءة النص يمكن تقسيمه الى مقطعين، كما يلي:

المقطع الأول: يعتبر مدخلا للحكاية وفيه يقدم الكاتب فضاء الأحداث صنعاء اليمن وواليها الحارث بن همام.

المقطع الثاني: يركز فيه الحريري على وصف بطل المقامة، واستعراض بعض عضاته و نصائحه للناس حوله، فقير، نحيل، يدعو الناس إلى الزهد في الدنيا...

التحليل:

أولا: بنية المقامة:

المقامة جنس أدبي سردي، يعتمد الحكي باستحضار مجموعة من العناصر:

أ‌- الأحداث: يمكن الحديث عن حدثان:

الحدث الأول: مرتبط بالراوي: بسفره إلى صنعاء اليمن وحديثه عن حاله أثناء تواجده بتلك المدينة.

الحدث الثاني: مرتبط بالبطل، ويتجلى في تقديم صورة له من طرف الراوي، وكذا في ذكر احتياله على الناس من خلال تقمصه لدور الواعظ...

ب‌- الشـخـصـيـات

- الشخصيات الرئيسية:

البطل: ( أبو زيد السروجي) ومن صفاته: نحيف، دقيق، فصيح اللسان، استغلالي، محتال، خطيب وواعظ...

- الشخصيات الثانوية:

الراوي: الحراث بن همام، فقير، فضولي، باحث عن الحقيقة.
الناس: الذين خاطبهم البطل، بسطاء.
تلميذ أبو زيد السروجي.

ج- الـفـضـاء:

المـكـان: مكان عام؛ صنعاء اليمن. ومكان خاص؛ ياحة الحلفة، المغارة، غابة الجمع، شوارعها..

الـزمـان زمن الحدث: يصعب تحديده، يوم/ أقل/ أكثر. وزمن المتلقي: يختلف باختلاف المتلقي( اختلاف الأزمنة). ثم زمن الكتابة: نهاية القرن ال5 وبداية القرن ال6.

الـسـارد: وظف الحريري في هذه المقامة، ساردا واحدا وهو الحارث بن همام، وهو نفس السارد في كل مقاماته.

الـحـوار: يحضر الحوار ليكشف مواقف الشخصيات أحيانا وليبرز الصراع بينها أحيانا أخرى، كما ساعد على كسر رتابة السرد... ومن الحوارات الواردة في المقامة نجد: حوار الراوي مع البطل، وحوار الراوي مع تلميذ البطل، والهدف من كلا الحوارين هو محاولة اكتشاف حقيقة البطل.

ثـانـيـا: وظـيـفـة الـمـقـامـة: المحسنات البديعية

الحريري كتب هذه الكتابة تحت طلب، ومن أجل إصلاح ما لحق بالأدب من فتور في تلك المرحلة، ولم يكتبها تكسبا ولا ترفا أدبيا، وبالتالي تحددت وظيفتها فيما يلي:

1- لغويا:

 حضور المحسنات البديعية منها؛ جناس وطباق وسجع. ومثال ذلك: اغراب الاغتراب، طوحت بي طوائح، أجول جولان، ينقدك وتوبقك، أدكرك الموت فتناسيت...

وكذلك حضور الصور الشعرية: مثل التشبيه( أجول طرقاتها مثل الهائم، أجول في حوماتها مثل الحائم)؛ الإستعارة (أيقضك الدهر).

2- أدبيا:
 رغم ظهور المقامة في وقت متأخر مقارنة بالأجناس الأخرى مثل الشعر والخطابة، إلا أنها إحتلت مكانة بارزة وإكتسبت صفات لا نجدها في باقي الأجناس، ويكمن هذا التميز في كونها تظم أغلب الأجناس الأدبية، ففي هذه المقامة الصنعائية نجد حضور الشعر والخطابة والحكاية والحكمة...
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق