بـنـيـة الـتــوتــر، محمد مفتاح، المنهج البنيوي

مــنــاهــج نـقـديـة: المنهج البنيوي؛ بـنـيـة الـتــوتــر - الثانية باك آداب وعلوم إنـســانيــة

التأطير: لمحة عن المنهج البنيوي

إذا كان المنهج الاجتماعي والمنهج النفسي قد أولو العناية البالغة للعناصر الخارجية فإن المنهج البنيوي قد أعاد الاعتبار إلى النص من خلال رفع شعار النص ولا شيء غير النص على اعتبار أن النص الأدبي بنية مغلقة ومجموعة من العلامات كما ينطلق من مبدأ التركيز على أدبية النص وذلك بالنظر إلى مجموعة من المستويات الصوتية والصرفية والمعجمية والدلالية والرمزية.

وقد ظهر الإرهاصات الأولى لهذا المنهج في القرن 20 انطلاقا من الدراسات اللغوية الحديثة (اللسانيات) التي يرجع فيها الفضل للعالم اللغوي السويسري "دي سوسير. أما في العالم العربي فلم يظهر المنهج البنيوي إلا في أواخر الستينيات عن طريق المثاقفة مع الغرب والبحث النقدي الجديد وقد وجد له أتباع ومناصرين نذكر منهم صلاح فضل كمال أبو ديب ثم محمد مفتاح الكاتب والناقد المغربي من مؤلفاته تحليل "تحليل خطاب استراتيجية التناص" ومنه أخذ هذا النص. فما الخطوات التي يطرحها الناقد ؟ وما القضية التي يطرحها؟ وما إمكانات هذا المنهج وحدوده؟

ملاحظة النص: نص بنية التوتر

يقدم النص مجموعة من المؤشرات لقراءته فهناك العنوان "بنية التوتر" الذي يشير إلى المنهج المعتمد في الدراسة من خلال لفظة بنية أما التوتر فتلخص ما وصل إليه الناقد أثناء التحليل أضف إلى ذلك بداية النص التي يمكن اعتبارها بدايتين أولهما فيها تحديد مادة الاشتغال وثانيهما تتمثل في الشروع بالدراسة النقدية وفق المنهج البنيوي. وانطلاقا من هذه المنطلقات نفترض أن الناقد سيعتمد على المنهج البنيوي في قراءته للبيت الشعري.

بعد القراءة الفاحصة للنص النقدي التطبيقي، يتبين أن الناقد محمد مفتاح يروم تناول قضية نقدية تتعلق بمحاولة تطبيق المنهج البنيوي وألياته اللغوية في دراسة أدبية لشعر ابن عبدون باعتباره عمل أدبي يعكس فنية الشاعر وقدرته على توظيف اللغة بمستوياتها المختلفة لتأكيد دلالته المباشرة التي تصور تعجب الشاعر وتساؤله حول كثرة الحزن والجزع بالرغم من أن الدهر لا يتوقف عن إفجاعه مركزا في البحث عن بنية توتره عبر ما تَميّزَ به البيت الشعري من تباين وتشاكل صوتي وصرفي ومعجمي.

التحليل: نص "بنية التوتر" لمحمد مفتاح

تحضر في النص مصطلحات نقدية تدل على تبني الناقد منهج بنيوي من جهة ومن جهة ثانية تأثره بالدراسات اللغوية اللسانيات التي تعد الإطار المرجعي مثل (بنية، أصوات، رتبة، دراسات نفسانية لغوية...).

كما حقق النص اتساقه تركيبيا عن طريق الوصل في حروف العطف والأسماء الموصولة، ودلاليا عن طريق الإحالة القبلية والبعدية والمقامة، ومعجميا عن طريق التكرار والتضام.

كما تحقق انسجامنا مع النص بفضل مجموعة من المبادئ؛ فهناك مبدأ السياق؛ إذ بعد قراءة النص نذكر أنه نص نقدي يقارب فيه الناقد البيت الشعري من حيث الشكل، ثم مبدأ التأويل المحلي؛ ويتجلى ذلك من خلال قدرتنا على تأويل ما جاء في النص من مفردات تجمع بينها علاقات جعلتها منسجمة مع بعضها ومع القارئ، أضافة لمبدأ التشابه؛ فبقراءة النص نجده يتشابه مع نصوص نقدية أخرى تهتم بالجانب البنيوي في الأدب العربي كالتي رأينا في درس النصوص (مستويات الدراسة البنيوية لصلاح فضل. 

وقد حققت هذه المبادئ الانسجام عبر جملة من العمليات التي قربت بين النص والمتلقي وأول هذه العمليات المعرفة الخلفية من خلال معرفتنا بخصوصيات المنهج البنيوي والمستويات التي يعتمدها في التحليل والتي تتقاطع مع المعارف التي يقدمها النص.

التركيب

تأسيسا على ما سبق نجد أن الناقد ركز في الدراسة النقدية على بنية البيت الشعري حيث عمد إلى دراسته من الداخل دون التركيز على الأشياء الموجودة خارج النص، فاعتمد في دراسته على المستوى الصوتي والمعجمي والتركيبي مسجلا على البيت الشعري بنية التوتر، وبذلك يبقى الناقد وفيا لروح المنهج البنيوي الذي اتبعه غير أن التطبيق الحرفي للمنهج البنيوي قد جعل الناقد يقارن البيت الشعري من حيث الشكل وإغفال الجوانب الخارجية المتحكمة في الإبداع، وبذلك يكون المنهج البنيوي قاصرا على إدراك خصوصية الظاهرة الأدبية.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق