الـعـولـمة: المفهوم، الأليات، الفاعلون

العولمة: المفهوم، الأليات، الفاعلون

تقديم:

تعتبر العولمة من أكثر الظواهر إثارة للجدل فالآراء حولها تتباين بين مؤيد ومعارض، كما أنها تمثل مرحلة من مراحل تطور النظام الرأسمالي الليبرالي، و تتخذ العولمة عدة أشكال ويساهم في تحقيقها مجموعة من الفاعلين عبر عدة آليات. فما مفهوم العولمة؟ و ما أليات تحقيقها؟ و ما أبرز المتدخلين فيها؟

أولا: العولمة مفهومها ومظاهرها

1- مفهوم العولمة:

ظهر مصطلح العولمة  في و.م.أ بداية الثمانينيات من القرن 20م، ويقصد به:
لغتا: العولمة ترجمة لكلمة Globalizition ويقابله باللغة الفرنسية Mondialisation، وتعني تعميم الشيء ليتصف بالعالمية عبر توسيع دائرته ليشمل العالم كله، ويرادف الكوكبة والكونية.
اصطلاحا: هي اندماج أسواق العالم في حقول التجارة والاستثمارات وانتقال الأموال والقوى العاملة .. بحرية تامة بين دول العالم. ليتخذ المفهوم منذ 1990 فجر الثورة العلمية والتكنولوجية خاصة في مجال الاتصال والمواصلات (ظاهرة الانترنيت) أبعاد ثقافية وسياسية وايديولوجية. 

2- مـظــاهـر وأشـكــال الـعـولـمـة

العولمة الاقتصادية: من مظاهرها سيادة النظام الرأسمالي، والأسواق والبورصات، وارتفاع المبادلات التجارية والاستثمارات عالميا بفضل انخفاض الرسوم الجمركية.  إضافة إلى هيمنة الدول الكبرى  والتكتلات الاقتصادية والشركات متعددة الجنسيات والمؤسسات الاقتصادية الدولية.

العولمة السياسية: تبني الديمقراطية والحرية واحترام حقوق الانسان ومحاربة الأنظمة الشمولية (الديكتاتوريات).. وهيمنة النظام العالمي الجديد القائم على الأحادية القطبية.

العولمة الثقافية والفكرية: نشر ثقافة العالم الرأسمالي "المتقدم"، و تلاشي الخصوصيات المحلية للدول من عادات وتقاليد (عولمة القيم).

العولمة التقنية والاتصالية: جعل العالم قرية صغيرة وذلك بخلق منظومة تكنولوجية كبرى في مجال النقل والاتصال والمواصلات وانصهار العالم فيها.

      انقسم العالم في إطار العولمة إلى ثلاث مجموعات أو مجالات أساسية: مجالات مهيمنة وموجهة للعولمة، ومجالات مندمجة، وأخرى في طور الاندماج.
وهذا ساهم في خلق تحديات جديدة للدول؛ اقتصاديا، وسياسيا، اجتماعيا وثقافيا، وبيئيا، يمكن إجمالها فيما يلي:
• فقدان الدول النامية التحكم في اقتصادها وتكريس تبعيتها للدول والتكتلات الاقتصادية الكبرى.
• القضاء على الصناعات الوطنية في البلدان النامية أمام ضعف القدرة على مواجهة المنافسة الأجنبية.
• هيمنة القيم والثقافة الغربية مقابل ذوبان وتلاشي الهويات الوطنية والمحلية.
• تزايد حدة الفوارق الاجتماعية في العالم الثالث.
• اتساع الهوة بين دول الشمال ودول الجنوب.

ثانيا: أليات العولمة وأهم الفاعلون فيها

1- ألــيــات الـعـولـمـة:

الألــيــات الـتـقنـية:
مجال المواصلات: ثورة وسائل المواصلات، مما ساهم في اتساع رقعة المبادلات وتسهيل التواصل بين سكان العالم واختصار المسافات الجغرافية.

مجال الاتصالات: ثورة تكنولوجيا هائلة في وسائل الاتصال (الاقمار الاصطناعية، الانترنت، الفاكس..) مما ساهم في رواج التجارة الإلكترونية.

مجال الإعلام: حصول ثورة في المجال بظهور الصحافة الإلكترونية، وتطور وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، مما ساعد على سرعة نقل الخبر وسهولة الحصول على المعلومة.

الألــيــات الاقـتـصــاديـة:

في المجال المالي: اعتماد الدولار الأمريكي أو الأورو قاعدة في المعاملات النقدية الدولية، حرية تنقل الاستثمارات ورؤوس الأموال، تحرير أسعار صرف العملات وأسعار الفائدة، تدخل المؤسسات المالية الدولية في برامج الإصلاح الاقتصادي للبلدان النامية.

في المجال التجاري: تحرير المبادلات التجارية بالتخلي عن السياسة الحمائية أو الحد منها وذلك بتخفيض أو إلغاء الرسوم الجمركية، مع حرية تنقل الأفراد والشركات والاستثمارات والرساميل (فتح الحدود).

2- القوى الفاعلة في العولمة:

القوى الفاعلة المؤيدة:

الشركات متعددة الجنسيات: هي شركات ضخمة ذات رأسمال ضخم لها عدة فروع في مختلف بلدان العالم خارج بلدانها الأصلية.

الدول والقوى الاقتصادية الكبرى: يقصد بها الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وأروبا الغربية... دول ذات اقتصاد قوي بحيث تتحكم في الاقتصاد العالمي بامتلاكها نسبة عالية من الاستثمارات العالمية الأجنبية.

المؤسسات الدولية: يقصد بها منظمات  صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية. مؤسسات دولية تساهم في نشر نظام العولمة في المجالين المالي والتجاري عبر توجيه ومراقبة السياسة الاقتصادية والمالية لبلدان العالم.

القوى الفاعلة المعارضة:

تمثلها المنظمات غير الحكومية المناهضة للعولمة عبر نشر الوعي العالمي بخطورة العولمة وفي مقدمة هذه المنظمات "حركة أطاك" والمنتدى الاجتماعي العالمي (F.S.M).

خــاتــمــة׃

إذا كان للعولمة إيجابيات بما تتيحه من فرص تنموية، فإن لها من السلبيات ما يغطي على إيجابياتها لما فيها من خطورة باعتبارها تخدم مصالح الدول الرأسمالية الكبرى دون اعتبار لمصالح الدول النامية والفقيرة مما يؤثر على تنظيم المجال العالمي.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق