دول جنوب شرق آسيا؛ قطب اقتصادي في تطور متصاعد
تشكل مجموعة أسيان أي رابطة دول جنوب شرق آسيا قطبا اقتصاديا في تطور متصاعد ينافس القوى الاقتصادية الكبرى بشرق آسيا، ويقدم نموذجا لتكتلات دول الجنوب في مواجهة تحديات العولمة. فما هي ظروف وأهداف ومراحل تأسيس أسيان؟ وما مظاهر النمو الاقتصادي لأسيان؟ وما هي العوامل المفسرة لهذا النمو؟ وما التحديات التي تواجه هذا التكتل؟
أولا: ظروف وأهداف ومراحل تأسيس أسيان والمؤسسات المنظمة لها
1- ظروف وأهداف ومراحل التأسيس
*رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في خلق جبهة بالمنطقة ضد انتشار الشيوعية التي كانت الصين تسعى لتصديرها إلى دول هذه المنطقة.تحول المجموعة من جبهة مناهضة للشيوعية إلى رابطة للتعاون الاقتصادي بين دول جنوب شرق آسيا.
2- المؤسسات التي تسهر على تنظيم سير أسيان
- تأتي على رأس المؤسسات أو الأجهزة قمة المجموعة التي تضم الرؤساء،
- يليها مجلس وزراء الخارجية الذي يعقد لقاءات سنوية لوضع التوجيهات العامة للمجموعة وتنسيق أنشطتها،
- ثم هناك وزراء الاقتصاد ووزراء المالية اللذين يعقدون لقاءات سنوية ويخططون ويوجهون السياسة الاقتصادية.
- إضافة إلى السكرتير العام الذي يحضر كل اللقاءات وينسق أنشطة الرابطة ويقوم بالمهام الإدارية.
- واللجنة الدائمة التي تعقد لقاءات شهرية لتنسيق أنشطة المجموعة.
- تجدر الإشارة إلى وجود لجان ومجموعات متخصصة تتفرع عن الأجهزة السالفة الذكر، كالمنظمة الجهوية لبرلمانات دول جنوب شرق آسيا التي تأسست سنة 1977.
ثانيا: الحصيلة الاقتصادية لأنشطة الرابطة والعوامل المفسرة لها
1- الحصيلة الاقتصادية لرابطة آسيان
-حققت رابطة آسيان نسبة نمو جد مهمة للاستثمارات المباشرة بلغت في المتوسط 5.5٪ سنة 2005 مع تسجيل تباين نسبة النمو بين دول الرابطة نتيجة استقطاب استثمارات أجنبية ضخمة بلغت سنة 2005 حوالي 38 مليار دولار.
-سجلت المبادلات التجارية تزايدا مهما حيث نمت صادرات الرابطة ب 13.5٪ سنويا، كما ارتفعت قيمة ونسبة المبادلات البينية إلى 59 ٪ مع تنوعها لتشمل كل المنتوجات المصنعة.-تغير البنية الاقتصادية لدول آسيان وذلك بزيادة مساهمة قطاعي الصناعة والخدمات في الناتج الداخلي الخام وتراجع مساهمة الفلاحة في كل من ماليزيا وإندونيسيا وتايلندا وتحول معظم بلدانها إلى تنينات مصنعة جديدة عكس كمبوديا واللاووس اللتان ما تزالان تحتل فيهما الفلاحة مكانة رئيسية.
2- العوامل المفسر للنمو الاقتصادي لدول آسيان
- الموارد البشرية؛ وتتمثل في أهمية الكتلة البشرية التي تعيش في أسيان والتي بلغت سنة 2013 ما مجموعه 609 مليون نسمة، ساكنة تتميز بارتفاع نسبة القادرين على العمل 65٪ والتي تمثل يدا عاملة رخيصة وسوق استهلاكية واسعة.
- الموارد الطبيعية والاقتصادية؛ حيث تتوفر دول الرابطة على ثروات طبيعية متنوعة ومهمة أهمها الغاز الطبيعي والبترول إضافة إلى بعض المعادن. كما تسود بدول الرابطة أنظمة فلاحية كثيفة مكنتها من المساهمة بحصص مهمة من الانتاج الفلاحي العالمي وخاصة في مجال الأرز والسكر والصيد البحري. وتساهم الرابطة ب6.5٪ من التجارة العالمية حيث تحتل أسواقها المرتبة الرابعة عالميا في الرواج التجاري، كما تحتل الرابطة مركزا مهما لاستقطاب شركات متعددة الجنسيات واستقطاب الشركات الأجنبية بشكل خاص، وذلك في ظل قوة ونشاط الأسواق المالية وتواجد بورصة سنغافورة التي تحتل المرتبة الثالثة عالميا.
- نظرية الإوز الطائر؛ فقد اعتمدت دول أسيان في تنميتها الصناعية على "نظرية الإوز الطائر" والاستفادة من التجربة اليابانية لتسريع وثيرة نموها الاقتصادي عبر ثلاث مراحل وهي: مرحلة استراد البضاعة المصنعة، ثم مرحلة التصنيع المحلي من الصناعة، وأخيرا تصدير البضاعة نحو الخارج.
ثالثا: التحديات التي تعيق النمو الاقتصادي لرابطة أسيان وآفاقها
1- التحديات المعيقة للنمو الاقتصادي لدول رابطة أسيان
- في المجال الاقتصادي؛ تعاني رابطة أسيان من المنافسة التجارية الشديدة لبعض القوى الاقتصادية الإقليمية كالصين والهند واليابان، إضافة إلى تشتت أعضائها بين منظمات جهوية تهيمن عليها الولايات المتحدة الأمريكية، واستمرار تمركز العلاقات التجارية والمالية مع البلدان المتقدمة (اليابان، و.م.أ، كوريا الجنوبية..) والانصياع لإملاءاتها.
- في المجال الاجتماعي؛ تعاني جل دول الرابطة من ارتفاع نسبة الفقر وانعكاسها على مشاكل السكن والصحة والتعليم، حيث تتجاوز عتبة الفقر 80٪ في كمبوديا و70٪ في لاووس، وبالتالي لا تنعكس آفاق التنمية الاقتصادية إيجابا على تحسين الأوضاع الاجتماعية لسكان الرابطة، وهو ما يعيق تحقيق أهداف الرابطة.
2- الآفاق المستقبلية لرابطة آسيان
-تمكن جل دول أسيان القوية من الالتحاق بركب الدول الصناعية الجديدة في إطار الجيل الثاني للنمو الأسيوية (ماليزيا، إندونسيا، تايلندا).
-تحكم رابطة أسيان في المحور البحري الرئيسي الرابط بين المحيطين الهادي والهندي، وبالتالي تطرح على دول الرابطة ضرورة حل معضلتي القرصنة والتلوث لتطوير الأنشطة البحرية.
-قيام رابطة أسيان بتوقيع العديد من اتفاقيات الشراكة مع الخارج، كما حصل مع الاتحاد الأوربي سنة 1980 بهدف تطوير القطاعات التجارية والاقتصادية مقابل حصول الرابطة على مساعدات مالية وفنية. وفي سنة 1995 حصلت الرابطة على توقيع اتفاقية الشراكة مع اليابان لتوسيع المبادلات التجارية بين الجانبين،. كما عملت أسيان على تمتين وتوسيع علاقاتها مع الولايات المتحدة الامريكية.
خــــــاتـــمــة
تمتل أسيان قيمة مضافة في مجال التكتلات الاقتصادية الجهوية والتي بإمكانها منافسة القوى الاقتصادية الكبرى ومواجهة تحديات العولمة.