فرنسا قوة فلاحية وصناعية كبرى في الاتحاد الأوروبي
تعتبر فرنسا قوة فلاحية وصناعية كبرى داخل الاتحاد الأوروبي بالنظر إلى عدة مؤشرات، لكن اقتصادها مع ذلك يعاني من عدة مشاكل، فما مظاهر القوة الفلاحية والصناعية لفرنسا؟ ما هي العوامل المفسرة لهذه القوة؟ وما أبرز المشاكل والتحديات التي تواجه الاقتصاد الفرنسي؟
أولا: قوة الفلاحة الفرنسية؛ المظاهر والعوامل
1- مظاهر قوة الفلاحة الفرنسية
- تتنوع المنتجات الفلاحية الفرنسية وكما تقدم فرنسا انتاجا ضخما تحتل به المراتب الأولى أوربيا ومراتب متقدمة عالميا (الشمندر السكري، الكروم، الحبوب، الحليب ومشتقاته، الخمور)،
- تنوع المجالات الفلاحية بفرنسا، ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة مجالات:
✓مجال الزراعات المغلالة؛ تهم زراعة الحبوب خاصة بحوض باريس، وتربية كثيفة للمواشي بمنطقة بروتاني، ورعي واسع بالنورماندي، وزراعة الكروم خصوصا بالجنوب،
✓مجال الزراعات القليلة المردودية؛ تشمل الرعي وزراعات متعددة المحاصيل وتربية المواشي وزراعات ضعيفة بالهضبة الوسطى وجبال الألب،
2-العوامل المساهمة في تقدم الفلاحة الفرنسية
- تتمثل في تنوع تضاريس فرنسا مع غلبة الطابع السهلي، إذ تنتشر السهول والأحواض الكبرى، كحوضي باريس والأكيتان اللذين يمثلان ربع مساحة فرنسا،
- تنوع المناخ، سيادة المناخات المعتدلة فهناك المناخ المحيطي، والقاري، والمتوسطي،
- التوفر على موارد غابوية مهمة، وانتشار الأنهار (السين، اللوار، الكارون، الرون..)،
- تدخل وتوجيه الدولة في إطار النظام الرأسمالي وذلك بوضع سياسة فلاحية تهدف إلى خلق ملكيات كبرى عن طريق عملية التركيز بدمج الاستغلاليات الصغرى فيما بينها مما يوسع نطاق المكننة،
- إحداث معاهد عليا لتخريج المهندسين، وتشجيع الفلاحين على التجمع في التعاونيات،
- ادخال تقنيات جديدة كالأسمدة الكيماوية والمبيدات وأنواع جديدة من المنتجات الفلاحية، وانتقاء الأجناس الحيوانية والنباتية باعتماد الهندسة الوراثية،
- دمج الفلاحة في مسلسل التصنيع بتوجيه 70٪ من إنتاج الاستغلاليات الفلاحية نحو الصناعات الغذائية مما يجعل الفلاحة الفرنسية مرتبطة بباقي القطاعات.
ثانيا: مظاهر قوة الصناعة الفرنسية والعوامل المفسرة لها
1- مظاهر قوة الصناعة الفرنسية
- تنوع وتعدد الفروع الصناعية؛ فهناك الصناعة الاستهلاكية، والتجهيزية، وصناعات عالية التكنولوجيا كصناعة الطائرات والأسلحة وغزو الفضاء، والأدوات الإلكترونية،
- احتلال الصناعة الفرنسية للمرتبة الثانية بعد ألمانيا من حيث القيمة المضافة بحوالي 200 مليار أورو،
- وجود شركات كبرى Vinci التي تهيمن على مختلف فروع الصناعة الفرنسية من جهة رقم المعاملات (مليار و127 مليون سنويا) ومن حيث التشغيل إذ تشغل حوالي مليون وخمس مائة عامل،
- احتلال المراتب الأولى في العديد من المنتجات الصناعية مثل الصلب والكهرباء..
- تواجد أقطاب صناعية حيوية كبرى "تكنوبول"، كمنطقة باريس ومنطقة الشمال والشمال الشرقي،
- المساهمة في الناتج الداخلي ب (%13.8)، وفي المبادلات التجارية (%7.3)، علاوة على تشغيل %24.47 من الساكنة النشيطة.
2- العوامل المساهمة في تقدم الصناعة الفرنسية
- إنتاج مهم للطاقة الكهربائية والنووية،
- التوفر على بعض المعادن كالحديد والاورانيوم والذهب والفضة، وعلى مواد طاقية كالفحم والغاز الطبيعي والبترول ولو بشكل محدود أو ضعيف، (الاعتماد على الاستيراد).
- تنظيم الصناعة الفرنسية في أقطاب صناعية كبرى ذات نمو كبير في أنشطة الصناعات الإلكترونية وفي مقدمتها قطب باريس، فقطب ليون، ثم كرونوبل، ستراسبورغ..
- دور الدولة في تنمية وتطوير الاقتصاد الفرنسي بوضع مخططات عامة أو جهوية ذات طابع توجيهي إرشادي بالنسبة للقطاع الخاص، بينما هي إلزامية بالنسبة للقطاع العمومي،
- دعم القطاع الخاص بالقروض والمساعدات،
- الدعم المالي الهام للبحث العلمي في إطار التجديد التكنولوجي وتأهيل اليد العاملة وإنشاء الجامعات والمعاهد ومختبرات البحث التطبيقي.
- تعد فرنسا ثاني بلد في الاتحاد الأوروبي من حيث السكان بعد ألمانيا إذ يبلغ عدد السكان 63 مليون نسمة سنة 2006، وتشكل الساكنة النشيطة 54٪ منهم، وتلعب الهجرة الخارجية خاصة المغرب العربي دورا أساسيا في نمو الساكنة الفرنسية وفي توفير اليد العاملة، كما أنها ساكنة تشكل سوقا استهلاكية واسعة بالنظر للدخل الفردي المرتفع،
ثالثا: المشاكل والتحديات التي تواجه الاقتصاد الفرنسي
1- تواجه الفلاحة الفرنسية عدة مشاكل وتحديات:
- ارتفاع أسعار الآلات، مقابل استقرار أسعار المنتجات الفلاحية
- انخفاض أسعار بعض المنتجات التي تعرف فائض الإنتاج (الحبوب، السكر، الخمور، الألبان)،
- التدهور البيئي والمتمثل في التلوث بالنفايات الناتجة عن الاستعمال المكثف للأسمدة، واعتماد الأعلاف المركبة كيماوياً، إضافة إلى نضوب الفرشة المائية نظرا للاستغلال الكبير للمياه في المناطق السقوية، علاوة عن الحرائق والفيضانات والتلوث الجوي،
- إضرابات الفلاحين ضد "السياسة الفلاحية الأوربية المشتركة" التي لا تراعي خصوصيات الفلاحة الفرنسية،
- احتجاجات منظمات حماية المستهلكين ضد الاستعمال المكثف للتكنولوجيا الإحيائية في الإنتاج الزراعي والحيواني،
- شيخوخة المجتمع وهجرة السكان النشيطين إلى المدن للعمل في الصناعة والخدمات، وبالتالي ضعف نسبة اليد العاملة.
2- تعترض الصناعة الفرنسية مجموعة من المشاكل والتحديات:
- ضعف الموارد الطاقية والمعدنية أمام تزايد حاجيات الاقتصاد الفرنسي لهذه المواد، وهذا ما يؤدي إلى زيادة التكاليف، والتبعية للخارج،
- وجود منافسة قوية من طرف المقاولات الأجنبية داخل الأسواق الفرنسية وفي الأسواق الدولية،
- ارتفاع نسبة البطالة حيث وصلت سنة 2003م إلى مليونين و640 ألف عاطل (ة)،
- وجود تفاوت جهوي على مستوى الناتج الداخلي الإجمالي للفرد بين المناطق الشمالية والمناطق الجنوبية المطلة على البحر المتوسط ذات الدخل المتوسط والقليل، وبين المناطق الأخرى كباريس ذات الدخل المرتفع،
- ارتباط الصناعات الفرنسية العالية التكنولوجيا بمثيلاتها في بلدان أخرى.
خاتمة:
بالرغم من حدة المشاكل والتحديات التي تواجه اقتصاد فرنسا، فإنها تظل قوة فلاحية وصناعية كبرى في الاتحاد الأوربي.