كوريا الجنوبية؛ نموذج لبلد حديث النمو الاقتصادي

كوريا الجنوبية؛ نموذج لبلد حديث النمو الاقتصادي

تمهيد

حققت كوريا الجنوبية في العقود الآخيرة نموا اقتصاديا مهما جعلها تصنف ضمن دول الشمال، وذلك بفضل مجموعة من العوامل بالرغم من وجود مشاكل تعيق تحقيق التنمية الشاملة بهذا البلد. ومنه يمكن طرح بعض الأسئلة ما هي مظاهر النمو الاقتصادي بكوريا الجنوبية؟ ما العوامل المفسرة لهذا النمو؟ وما هي آثار النمو الاقتصادي على الأوضاع الاجتماعية لساكنة كوريا الجنوبية؟ ما المشاكل والتحديات التي يواجهها هذا البلد؟

أولا: مظاهر النمو الاقتصادي بكوريا الجنوبية

- تحتل كوريا الجنوبية مراتب مرموقة على الصعيد العالمي نظرا لضخامة إنتاجها الصناعي؛ كالمرتبة الثانية عالميا في إنتاج الهاتف الخلوي حيث تنتج أكثر من 52 وحدة سنة 2012، والمرتبة الثانية عالميا في إنتاج السفن، والمرتبة 5 في صناعات السيارات والصلب، هذه المراتب خولت لكوريا احتلال الربة 11 عالميا،

- تشهد الصناعات الدقيقة تقدما وازدهارا أكثر من غيرها حيث تنمو بنسب مرتفعة،

- يتميز التوزيع الجغرافي للصناعة في كوريا الجنوبية بعدم التكافؤ حيث تهيمن بعض المراكز الصناعية على معظم الأنشطة نذكر منها بوستن، أولسان، أنشون..

- اعتماد الاقتصاد الوطني لكوريا الجنوبية بشكل كبير على الصناعات الدقيقة العالية التكنولوجيا، حيث تمثل رمز قوتها،
- وجود شركات متعددة الجنسيات عملاقة تنافس بها أقوى الشركات العالمية في مقدمتها سامسونغ وإلجي، وهيونداي، وكيا،
- تعرف التجارة الخارجية لكوريا الجنوبية تطورا كبيرا ومستمرا

- شهدت قيمة الصادرات في كوريا ج تطورا هائلا، حيث انتقلت من 252 مليار دولار سنة 2001 إلى 548 مليار دولار سنة 2013، وبذلك أحتلت الرتبة الخامسة عالميا،

- بنية التجارة الخارجية؛ تأتي المواد المصنعة في المقدمة سواء بالنسبة للصادرات (84٪) أو الواردات (49٪) تليها المواد المعدنية والطاقية ب 44٪ بالنسبة للواردات و13.3٪ بالنسبة للصادرات، وأخيرا المواد الفلاحية،

- تعدد الشركاء التجاريون، في مقدمتهم بالنسبة للصادرات تأتي الصين ثم الولايات المتحدة الأمريكية، تليهما اليابان فسنغفورة، أما بالنسبة للواردات فتأتي الصين كذلك في المرتبة الأولى تليها اليابان ثم الولايات المتحدة الأمريكية فالسعودية وقطر،

- يعرف الميزان التجاري لكوريا الجنوبية فائضا مهما منذ 1999 وقد بلغ سنة 2005 حوالي 23 مليار دولار،

- اعتماد كوريا الجنوبية كما الدول المتقدمة على القطاع الثالث بشكل كبير، ونسجل ضعف القطاع الفلاحي بهذا البلد.

ثانيا: العوامل المفسرة للنمو الاقتصادي بكوريا الجنوبية

ساهمت عدة عوامل في تقدم الصناعة الكورية:

العامل التاريخي؛

  • استفادت كوريا الجنوبية من التجارب التاريخية بعد خضوعها للاستعمار الياباني ثم الاستعمار الأمريكي، وذلك من خلال الاستثمارات سواء اليابانية أو الأمريكية، وخاصة الاستثمارات الأمريكية في إطار مشروع مارشال لمواجهة المد الشيوعي،

العامل البشري؛

  • إذ يبلغ سكان كوريا الجنوبية أكثر من 50 مليون نسمة، مما يساهم في توفير يد عاملة مهمة رخيصة ومنضبطة ومحبة للعمل، إضافة إلى خلق سوق استهلاكية كبيرة في ظل ارتفاع الدخل الفردي،

العامل التنظيمي؛

  • أهمية شركات "الشيبول" العملاقة والتي تحتكر أنشطة اقتصادية متنوعة ومتكاملة، كما تحتكر معظم الصادرات الكورية، إضافة إلى دور الدولة المتمثل في التخطيط وتوجيه المقاولات سهرا منها على نمو الاقتصاد،
  • وجود مقاولات مختصة في مجالات صناعية محددة مثل هيونداي وكيا، وسامسونغ وإلجي،
  • الاهتمام بالتعليم (إجباري ومجاني)، حيث تحتل الرتبة الأولى عالميا إذ تخصص 7.1٪ من ناتجها الداخلي الخام للتعليم،
  • الاهتمام بالبحث العلمي حيث ترفع المقاولات الخاصة حجم استثماراتها السنوية في مجال البحث العلمي لتطوير الكفاءات العلمية والتكنولوجية بالبلاد،
  • التطور والانتشار السريع للاستثمارات الأجنبية بكوريا الجنوبية،

ثالثا: آثار الأوضاع الاقتصادية على الأوضاع الاجتماعية بكوريا الجنوبية

- تراجع نسبة اليد العاملة في القطاع الأول (الفلاحة) وارتفاعها في القطاعين الثاني (الصناعة) والثالث (التجارة والخدمات)،
- المكانة المهمة لكوريا الجنوبية حسب مؤشر التنمية البشرية (المرتبة 15 عالميا)  خاصة على مستوى الدخل الفردي ومحاربة الأمية،
- تصدر كوريا لقائمة الدول عالميا على مستوى نسبة السكان المرتبطين بشبكة الانترنيت (71٪)،
- استفادة الكوريين من التكنولوجيا العالية الدقة،
- انخفاض وثيرة النمو الديمغرافي وانتشار الوعي بتحديد النسل وارتفاع نسبة الفئة النشيطة التي تمثل 72 ٪ من مجموع السكان،

رابعا: المشاكل والتحديات التي تواجه اقتصاد كوريا الجنوبية

  • ضعف القطاع الفلاحي، إذ لا يساهم إلا ب 3.1٪ من إجمالي الناتج الوطني، كما أن إنتاجه جد ضعيف الشي الذي يجعل البلد مرتبط بالخارج فلاحيا،
  • الافتقار إلى المواد المعدنية والطاقية مما يجبر كوريا على استرادها من الخارج بأسعار مرتفعة،
  • الاعتماد الكبير على التصدير منا يحتم ضرورة البحث الدائم على الأسواق الخارجية،
  • تراجع الاستهلاك الداخلي، وارتفاع أسعار المحروقات والمواد الأولية، وبالتالي ضعف القدرة التنافسية للصناعة الكورية، أمام المنافسة القوية  للشركات المتعددة الجنسيات،
  • الرفع من الدخل الفردي ليصل إلى 2000 دولار للفرد، وارتفاع نسبة بطالة الشباب،
  • الأزمات المالية العالمية وانعكاساتها على الطلب الخارجي على المنتجات الكوري الجنوبية.

خـــاتــمــة

كوريا الجنوبية إذن، بلد استطاع الخروج من دائرة التخلف بفعل الإرادة القوية لقادتها وشعبها والإدارة الرشيدة، فأصبحت بالتالي مثالا يجب الاقتداء به للخروج من خانة التخلف.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق