العنف في التاريخ؛ هوبز، ماركس، عبد الله الحمودي،

المحور الثاني: العنف في التاريخ

الطرح الإشكالي: إذا كان العنف يشير إلى القوة وإلحاق الضرر والأذى بالآخرين لأجل إرغامهم على الخضوع للذات. وإذا كان التاريخ يحيل على مجموع الأحداث والوقائع التي عاشتها المجتمعات البشرية منذ نشأتها إلى الماضي القريب. فأي علاقة تجمع العنف بالتاريخ؟ كيف ظهر العنف في التاريخ البشري؟ وما الدور الذي يمكن أن يقوم به العنف في علاقة بهذا التاريخ؟

موقف "توماس هوبز"، نص "في الطبيعة الإنسانية"

يرى هوبز في كتابه "لوياثان" أن الإنسان بحكم طبيعته الغريزية لديه ميل ونزوع إلى القوة أو العنف، كوسيلة لحفظ البقاء. فكل إنسان يسعى وراء مصالحه (استمرار وجوده) بكل أنانية حتى وإن كان ذلك على حساب حياة إنسان آخر. وهذا ما عبر عنه هوبز بقوله: "إن الناس بطبعهم أنانيون، يلتمسون بقاؤهم وسلطاتهم بالقوة". فالعنف يتولّد في الطبيعة البشرية بأنواع ثلاثة (التنافس، الحذر، الكبرياء)، الأول: التنافس، في هذه الحال يعتبر العنف وسيلة لبلوغ مصالحهم ومنافعهم، والثاني: الحذر، وهو سبيلا للأمن، أما النوع الثالث: فالكبرياء، حيث يميلون إلى العنف من أجل السمعة والمكانة.

موقف "كارل ماركس"، نص "الصراع الطبقي"

يذهب ماركس إلى أن ما يميز المجتمعات البشرية منذ ظهور الملكية هو الصراع بين طبقات المجتمع، هذا الصراع يتخذ شكلا عنيفا حين تقوم الطبقة المستَغَلة بالثورة والتمرد ضدا على استغلال الطبقة البورجوازية لها دفاعا عن مصالحها ومطامحها المشروعة، فتتخذ من العنف الثوري (المادي) وسيلة لتحقيق غايتها، فتلجأ بالمقابل الطبقة المهيمنة بدورها إلى العنف باستخدام أجهزة الدولة العسكرية لقمع تمرد الطبقة العاملة ووأد ثورتها في مهدها، وهكذا يستمر الصراع (العنف في بعده الاقتصادي) بحكم انقسام المجتمع إلى طبقات متفاوتة ومتناقضة فيما بينها، فتتوالى الأحداث وتتطور السيرورة التاريخية لتبرز شكلا جديدا للمجتمع، وهكذا دوالك.

موقف عبد الله الحمودي: نص "مصير المجتمع المغربي"

ينتقد الحمودي النظريات والتصورات التي ترى أن العنف ظاهرة وراثية أو غريزة فطرية في الإنسان، ويذهب إلى القول بأنه وإلى اليوم "لا يوجد مؤشر علمي على أن في البشر عنصرا وراثيا يفسر العنف أو النزوع إليه". فالمجتمعات شهدت وتشهد حروبا وهذا ارتبط اساسا بالاستقرار والملكية والسعي لتكديس الخيرات وإخضاع الآخرين وضمهم تحت سيطرة مجوعة واحدة. وما ذهب إليه روني جيرار لا يعدو مجرد تخمينات محضة، وفرضيات فرودية (نسبة إلى الطبيب والمحلل النفساني فرويد Freud) حول "طبيعة" إنسانية وحيدة وبيولوجية.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق