تحليل نص ميلاني كلاين من الحاجة إلى الرغبة

المحور الأول: الرغبة والحاجة

تأطير إشكالي للمحور؛

إذا كان الإنسان كائنا راغبا، فمعنى ذلك أن رغباته ترتبط بموضوع ما. فكيف يتحدد ذلك الموضوع؟ هل يتحدد بشكل تلقائي أم أن الحاجة إليه هي ما يفرض السعي إلى تحقيقه؟ وما المقصود بالرغبة؟ ما الحاجة؟ وما الفرق بين الرغبة والحاجة؟ ما طبيعة الرغبة الإنسانية؟ ما علاقتها بالحاجة؟ هل هي علاقة اتصال واستمرارية أم انفصال وقطيعة؟ ما هي أنواع الرغبات والحاجات الإنسانية؟

تحليل نص: من الحاجة إلى الرغبة، ميلاني كلاين،

أسئلة النص؛

ما طبيعة الرغبة؟ وما علاقتها بالحاجة؟ علاقة استمرارية أم قطيقة؟ كيف تتحول الحاجة إلى رغبة؟ وما انعكاس ذلك على شخصية الإنسان (الطفل)؟

أطروحة وموقف ميلاني كلاين: علاقة الرغبة بالحاجة

توضح كلاين العلاقة بين الرغبة والحاجة، داخل نظرية التحليل النفسي، من خلال علاقة الطفل بثدي أمه، حيث أكدت أن الحاجة الطبيعية (الطعام) تتحول إلى رغبة نفسية لاشعورية في التخلص من القلق والدوافع التدميرية. فالعلاقة بين الرغبة والحاجة علاقة امتداد نفسي لاشعوري تساهم في فتح الطريق أمام نشاط الطفل الإبداعي والتكيف السليم مع المحيط الخارجي مستقبلا، وهنا تبرز كلاين مدى أهمية الطريقة والكيفية التي تلبى بها حاجات الطفل في تحديد ملامح شخصيته المستقبلية.

البناء المفاهيمي للنص؛

الحاجة: الافتقار والافتقاد لشيء ما، لابد منه، وتحيل على الضرورة الطبيعية من طعام ونوم وشرب التي لا غنى الكائن الحي عنها،
الرغبة: ميل ونزوع نفسي لاشعوري نحو موضوع يحقق للذات إشباعا،
الإعلاء: تحويل الدوافع الغريزية والميول إلى أنشطة إبداعية ما يساهم في بناء الشخصية،
الاحباط: حالة نفسية تنتاب الفرد عندما يكتشف أن هناك ما يحول دون تحقيق رغبته،
الشخصية: نظام نفسي يتشكل لبنة لبنة مع مرور الوقت، ويتكون من الأنا، الأنا الأعلى، والهو، والعلاقة بين هذه المكونات تحدد شخصية الفرد.
مطلب المناقشة؛ الانفتاح على مواقف وأطروحات أخرى؛

موقف رالف لينتون؛ تحليل نص: الثقافة تحكم في الرغبة

يصنف رالف لينتون الحاجات الإنسانية إلى ثلاثة أصناف؛ بيولوجية، اجتماعية، ونفسية. هذه الحاجات تتحول في نظره إلى رغبات بفعل تدخل الثقافة، فعلى سبيل المثال تتحول الحاجة لحماية الجسم باللباس إلى رغبة في امتلاك حضوة اجتماعية ونيل إعجاب الآخرين. واللباس بهذا المعنى يقوم بوظائف تتجاوز مستوى الحاجة إلى حماية الجسم إلى ما هو اجتماعي، جمالي، أخلاقي، وجنسي (تحريك الرغبات الجنسية).

موقف جيرانفيل؛

تمثل الحاجة معطى بيولوجيا، موضوعها خال من اي معنى، كما أن إشباع الحاجة ما هو إلا تعبير عن عدم اكتفاء ووجود حرمان. أما الرغبة فهي الحرمان الذي يُفَسّر بالطلب، فعندما أطلب فأنا أقر بالحرمان.

موقف جيل دولوز؛

إذا كان البعض يربط الرغبة بالحاجة لشيء، أي أن الحاجة هي التي تولد الرغبة في داخلنا، فإن دولوز على عكس هؤلاء يبين أن الرغبة ليس حاجة لشيء، بل هي إنتاج لذلك الشي بالذات، فالرغبة إنتاجا للواقع وإبداعا له، لأن الرغبات لا تقاس على الحاجات، بل إن الحاجات هي التي تشتق من الرغبات. فلا وجود لشيء آخر غير الرغبة وموضوعها الاجتماعي.

موقف بودريار؛

يرى بودريار أن الرغبة المرتبطة بالاستهلاك ليس مجرد التهام أو إشباع للحاجات، على اعتبار أنه لا حدود للاستهلاك؛ فالرغبة في الاستهلاك لا تقوم على إرضاء الحاجات، بل إن الرغبة في الاستهلاك رغبة سيكولوجية وحتمية، كما أن الاستهلاك غير قابل للكبح مادام مبنيا على الحرمان.

تركيب عام للمحور

نستنتج من خلال ما تقدم أن إشكالية علاقة الرغبة بالحاجة تطرح مقاربات مختلفة؛ فمقاربة التحليل النفسي مع ميلاني كلاين أكدت بأن الحاجة البيولوجية تتحول إلى رغبة نفسية لاشعورية، ولذلك تأثير على شخصية الطفل، أما المقاربة الأنثروبولوجيا مع رالف لينتون فخلصت إلى أن الثقافة هي التي تحدد رغبات الفرد وتوجهها وفق ما يتناسب ومبادئ المجتمع الذي ينتمي إليه، غير أن دولوز على عكس هؤلاء يبين أن الرغبة ليس حاجة لشيء، بل هي إنتاج لذلك الشي بالذات، فالرغبة إنتاجا للواقع وإبداعا له. بناء عليه فالعلاقة بين الرغبة والحاجة هي من جهة علاقة اتصال واستمرارية، ومن جهة ثانية علاقة انفصال وقطيعة.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق