تحليل نص شونجو الوعي نشاط عصبي فيزيولوجي (إنشاء فلسفي)

تحليل ومناقشة نص "شونجو" الوعي نشاط عصبي

مطلب الفهم

 يعتبر الإنسان الكائن الوحيد الذي يملك عقلا أو "ملكة حكم" تمكنه من التمييز بين الصائب وغير الصائب، فالإنسان متعدد الأبعاد؛ بيولوجية، ونفسية، واجتماعية، وأخلاقية ... مما يطرح مشكلة تحديد طبيعة أفعاله وأساسها أهو الوعي أو اللاوعي أم هما معا. ويشار بالوعي إلى معان عدة من الإدراك واليقظة، والتذكر.. أما اللاوعي فنقيض الوعي. لكن المشكل الأساسي هنا يخص الوعي في حد ذاته، من حيث معناه وكيفية تحديده، إذا أمكن ذلك، وعلى أي مستوى يحصل، وهنا يكمن الإحراج والتناقض، حيث نجد عدة تعريفات للمفهوم الواحد وفي نفس الوقت يتم الاقرار بصعوبة تحديده، وهذا يدفعنا إلى التساؤل: ما الوعي؟ وهل يمكن تعريفه أم أن كل ما يمكن هو ملامسة جوانبه فقط؟ ما علاقته بالإدراك الحسي والدماغ وبالفكر والذاكرة؟

مطلب التحليل

يقدم صاحب النص أطروحة مضمونها، أن الوعي نشاط عقلي يَنتج عن عمل خلايا الدماغ العصبية، وأن تحديد مفهوم الوعي، ممكن، لكن يجب أولا الابتعاد عن الدراسات الأدبية واللاهوتية حول المفهوم واخضاعه للدراسة العلمية الدقيقة. ويتضمن هذا النص مجموعة من المفاهيم الأساس التي قامت عليها أطروحته، نذكر من بينها مفهوم الوعي ويعرفه صاحب النص باعتباره نشاط عقلي مرتبط بخلايا الجهاز العصبي، وكذا مفهوم النشاط العقلي وهو نشاط عصبي مشروط فيزيولوجيا، أي أنه مرتبط بخلايا الجهاز العصبي. ثم مفهوم التمثل ويشير إلى الصور العقلية التي يكونها الإنسان عن موضوعات العالم الخارجي، هذه الصور ذات طابع مادي تتشكل عبر الخلايا والسيالات العصبية، وتربط بين هذه المفاهيم علاقة تكامل وتلازم حيث أن الوعي لا يمكن حصوله إلا بحصول نشاط عقلي وإدراك الموضوع الحسي على شكل صورة أو تمثل ذهني. ولأجل الدفاع عن أطروحته وظف صاحب النص بنية حجاجية استهلها بتفنيذ موقف الفلاسفة والأدباء وعلماء اللاهوت القائل إن التفكير في الوعي والوظائف الدماغية من اختصاصهم، ويؤكد أن هذا الموضوع هو من اختصاص العلم. ثم قدم تعريفا للنشاط العقلي أو الوعي باعتباره نشاط عصبي مشروط فيزيولوجيا، بحيث تستجيب الخلايا العصبية لمنبهات / مثيرات خارجية، فتنقل رسالة مشفرة إلى الدماغ الذي يعمل على فك شفرتها، ونشاط الدماغ / العقل هذا هو مايسمى الوعي. كما استشهد صاحب النص ب«جاك مونو» وبنتائج التجارب النفسية – الفزيائية التي تؤكد الطابع المادي للصور العقلية، بمعنى أن النشاط العقلي / الوعي مرتبط بالإدراك الحسي وتمثل معطيات العالم الخارجي في صور عقلية. هكذا فقد جاء النص متماسك البناء بفضل الروابط المنطقية واللغوية التي استعان بها صاحب النص.

مطلب المناقشة

بناء على ما سبق فإن صاحب النص يقر بامكانية تحديد مفهوم الوعي تحديدا دقيقا وذلك بإخضاعه للدراسة العلمية، كما بين أهمية الإدراك الحسي في حصول الوعي. ومن هذه الناحية (العلمية) تكتسي أطروحة النصة قيمة وأهمية، إلى جاني قيمتها الواقعية ذلك أننا بفضل الحواس نستطيع أن نتعرف على الكثير من الموضوعات وكذلك طبيعة الأشياء التي تنقلها لنا حواسنا كالشمس والقمر اللذان لهما طبيعة مختلفة الحرارة والنور. في سياق إبراز أهمية الإدراك الحسي في حصول الوعي نجد الفيلسوف الإنجليزي دافيد هيوم، يؤكد من ناحيته أن التجربة والحواس هي أص كل معرفة، وأن الوعي لا يمكن أن ينفصل عن الإدراك الحسي. يقول هيوم: "فلا يمكنني أن أعقل نفسي (أنا) في أي لحظة من دون عملية إدراكية ما، ولا يمكنني أن ألاحظ إلا الإدراك". لكن الفيلسوفان الفرنسيان روني ديكارت، وهنري برغسون وخلاف شونجو ذهبا إلى أن الوعي لا يرتبط بالإدراك الحسي، ولا حتى بالدراسة العلمية لوظائف الدماغ، فالوعي بالنسبة لديكارت يرتبط بالفكر أو التفكير فالإنسان أو النفس الإنسانية لا تعي ذاتها إلا بواسطة التفكير الذي هو عمل النفس أي العقل لا عمل الجسد والحس. أما برغسون فالوعي عنده ذاكرة، أي استحضار للماضي وتراكم في الحاضر واستباق للمستقبل. فلا وجود للوعي بدون الذاكرة. الوعي إذن تجربة شعورية دائمة تربط بين ما كان وما سيكون. هكذا فما رأيناه مع كل من ديكارت وبرغسون يبرز لنا نقاط ضعف تصور شونجو للوعي من الناحية الفكرية والفلسفيةلكن ألا يكشف اختلاف هؤلاء في تحديدهم للوعي عن صعوبة إعطاء تعريف دقيق للوعي؟ هذا ما حاول الفيلسوف الألماني برتراند راسل أن يوضحه؛ فقد حدد الوعي باعتباره مجموع ردود أفعال الإنسان تجاه مثيرات المحيط الخارجي، مع إدراك هذه الردود في نفس الوقت. وربطه في مستوى آخر بالاستبطان، أي تأمل الذات لعالمها الداخلي وما تحمله من أفكار وعواطف والتعبير عن هذا العالم. لكن راسل خلاف التصورات الأخرى أقر بصعوبة إعطاء تعريف دقيق ونهائي لمفهوم الوعي.

مطلب التركيب

لقد تبين لنا بعد تحليل ومناقشة إشكالية الوعي أن هناك تضارب في المواقف، مواقف تربط الوعي بالإدراك الحسي، وآخرى ربطته بالفكر، والذاكرة، إضافة لتصور أقر صاحبه بصعوبة إعطاء تعريف دقيق للوعي. ويراهن إشكال النص على البعد المعرفي أي أن نتعرف على أهمية الإدراكات الحسية في تشكل وعينا بذاتنا وبالعالم المحيط بنا.

إذا كان هذا الاختلاف في المواقف بخصوص مسألة الوعي، فماذا عن اللاوعي وعلاقته بالوعي؟ وأيهما الأكثر تحكما في الذات؟

*** نموذج للاستئناء، المطلوب بناء نموذج خاص بك، بأسلوب يميزك،

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق