فروض نصوص: الشخص بين الضرورة والحرية

نماذج نصوص فلسفية حول إشكال الشخص بين الضرورة والحرية - (الشخص غير حر)

النص: 01؛ الإنسان ليس حرا

" الإنسان كائن طبيعي وخاضع لقوانين الطبيعة، وهو بالتالي خاضع للضرورة. إننا لا نتحكم في تكويننا، فأفكارنا لا تصدر عن إرادتنا وإنما هي نتاج مؤثرات محددة: أحس بالعطش فأرى نافورة ماء فتنتابني رغبة في الشرب، وعندما يخبرني أحدهم ان بالماء سُمًا أمتنع عن القيام بذلك. هل كنت حرا فيما قمت به من أفعال؟ إن العطش يدفعني بالضرورة إلى الشرب، غير أن دافع الخوف من الموت جرّاء السم يكون أقوى من دافع العطش فأمتنع بالضرورة، أيضا، عن الشرب. ولكن قد يتم الاعتراض علينا بالقول إن إنسانا أقل حذرا قد لا يمتنع عن الشرب على الرغم من تنبيهه إلى وجود السم بالماء. في هذه الحالة يكون دافع العطش لديه أقوى من دافع الخوف من التسمم.. ولكن في كلتا الحالتين فإن التصرف التصرفين معا، ورغم تعارضهما، محكومان بالضرورة.
إن قدرة الشخص على الاختيار لا تعني أبدا أنه حر، فهو لا يملك أن يرغب أو لا يرغب، وقصارى ما يستطيعه أن يقاوم الرغبة أحيانا متى فكر في عواقب الفعل، ولكن هل يستطيع، دائما، التفكير في تلك العواقب؟ إن تصرفات الأشخاص لا تكون حرة، أبدا، بل هي دائما نتاج سلسلة من الضرورات المرتبطة بأمزجتهم وأفكارهم المسبقة."

النص: 02؛ الحرية وعي بالضرورة

" لننتقل إلى الأشياء المخلوقة والمحددة بعلل خارجية، سواء في وجودها أو في فعلها، ولنتصور ببساطة ووضوح المثال التالي: حجر يتدحرج بفعل سبب خارجي، أي بقدر معين من الحركة، ثم بعد ذلك توقفت تلك الحركة، في حين واصل الحجر تدحرجه بالضرورة، إن استمرار الحجر في التحرك هو فعل إكراه، ليس لكونه ضروريا، بل لكونه مدفوعا بعلة خارجية، وما ينطبق على الحجر ينطبق أيضا على أي شيء آخر، مهما كان التعقيد الذي قد يبدو لكم أنه يتصف به، ومهما تكن الاستعدادات العديدة التي قد يكون حائزا عليها، وذلك لأن شيء كيفما كان لابد وأنه محدد بعلة خارجية تتحكم في وجوده وفي فعله.
تصوروا الآن – إن شئتم - أن ذلك الحجر أثناء تدحرجه، قادر على التفكير ويعرف أنه يبذل جهدا ليستمر في حركته، ففي هذه الحالة سيعتقد ذلك الحجر أنه حر، وأن لديه إرادة في التحرك، نظرا لأنه لا يعي سوى الجهد الذي يبذله، ولا يغفل عنه، إن هذا المثال ينطبق تماما على تلك الحرية الإنسانية التي يتبجح الكل بامتلاكها، والتي تقوم فقط في واقعة أن للناس وعي بشهواتهم، ويجهلون الأسباب التي تحددهم حتميا، فالطفل يعتقد أنه يشتهي الحليب بحرية، والشاب المنفعل يريد أن ينتقم، وإذا كان جبانا يريد أن يهرب، و كذلك الشأن بالنسبة للثرثار والشخص المصاب بالهذيان، وكل من على هذه الشاكلة، يعتقدون أنهم يتصرفون بقرار حر من النفس، وأنهم لا يخضعون لأي إكراه." (( اسبينوزا ))

النص: 03؛ وهم الحرية

"الإنسان من منظور البنيوية، كائن خاضع لمجموعة من الحتميات تشرطه كليا: فَفِكرُهُ، وأفعاله، وسلوكه هي منتوجات لقوانين الكون [الفيزيائية]، ولقوانين الجماعة [المجتمع] ولقوانين الفكر الرمزي [الثقافة]. وعلى النقيض من الوهم الشائع اليوم، فالعلم والتقنية بدل أن يحررا الإنسان من الحتميات الكونية، فإنهما لم ينجحا إلا في جعله أكثر وعيا بقوة هذه الحتميات. وحتى في القديم، أي في عصر هيمنة الأسطورة، لم يكن الإنسان أكثر حرية مما هو اليوم، بل كانت صفته الإنسانية نفسها تجعل منه عبدا. وبما أن سلطته على الطبيعة كانت محدودة، فقد وجد نفسه محميّا، وإلى حد ما منفلتاً من هذه السلطة، بواسطة الوسادة الوثيرة لأحلامه... فهو لم يكن حرا حتى في أحلامه وأساطيره. لقد كانت كل محاولة كلود ليفي ستراوس محكومة بإرادته في أن يتوصل إلى التعرف على مستوى تبدو فيه الضرورة مباطنة للحرية وملازمة لأوهام الحرية... وإلى ملاحقة آخر الجيوب التي تتستر فيها أوهام الحرية الإنسانية". (( ميرلي مارك ))

النص: 04؛ الإنسان لا يسلك بكامل إرادته

"إنّ الأنا مضطرّ لاّن يخدم ثلاثة من السّادة الأشدّاء، وهو يبذل أقصى جهده للتوفيق بين مطالبهم، وهي في الغالب مطالب متعارضة والتوفيق بينها مهمّة عسيرة إن لم تكن أقرب إلى أن تكون مستحيلة، فليس من الغريب إذن أن يفشل الأنا في أغلب الحالات في مهمّة التوفيق هذه، وهؤلاء المستبدّون الثلاثة هم: العالم الخارجي، والأنا الأعلى، والهو، ونحن عندما نتابع المجهودات التي يقوم بها الأنا بقصد الاستجابة لهذين النوعين من المطالب في وقت واحد، أي بطاعة أوامرهما في نفس الوقت، فإنّنا لن نأسف إذا ما كنّا قد شخّصنا هذا الأنا وقدّمناه كحالة خاصّة، فهو يحسّ بأنّه معرّض لثلاثة ضغوط ومهدّد من طرف ثلاثة أنواع من الأخطار يكون ردّ فعله عليها عندما تشتدّ معاناته منها هو توليد نوع من القلق، فهو من حيث إنّه نفسه نشأ نتيجة التجارب الإدراكية يتّجه إلى أن يتمثّل متطلّبات العالم الخارجي لكنّه يودّ أن يكون بنفس الوقت خادما للهو، ومتصالحا معه ومع حاجاته المستمرّة للإشباع …، إنّ الأنا في مجهوده من أجل التوسّط بين الهو والواقع، مضطرّ دوما إلى أن يموّه على أوامر اللاشعور بتبريرات متعدّدة، وإلى التخفيف من صراع الهو مع الواقع عن طريق نوع من التمويه الدبلوماسي والرّياء والتظاهر بأنّه يأخذ الواقع بعين الاعتبار ويراعيه حتّى ولو ظلّ الهو جموحا ومتصلّبا في مطالبه الملّحة على الإشباع، ومن زاوية أخرى فالأنا هو محطّ رصد من طرف الأنا الأعلى الذي يفرض عليه باستمرار المعايير التي يتعيّن عليه إتباعها في سلوكه دون أن تهمّه العوائق والصعوبات الآتية من الهو ومن العالم الخارجي، وإذا ما عصى الأنا أوامر الأنا الأعلى وتعليماته فإنّ هذا الأخير يعاقبه بأن يسلّط عليه مشاعر التوتّر والقلق التي يشكلّها لديه الإحساس بالدونية أو بالذنب.
وهكذا يصارع الأنا وهو محاصر بين ضغط الأنا الأعلى ومطالب الهو وقوّة الواقع من أجل أن ينجز مهمّته في إحداث نوع من التوافق والانسجام بين هذه القوى والتأثيرات المتفاعلة داخله والمؤثّرة عليه من الخارج". (( فرويد ))
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق