خصائص الأسرة المسلمة ووظائفها

خصائص الأسرة ووظائفها

خصائص الأسرة المسلمة

هناك مجموعة من الخصائص التي تنفرد بها الأسرة وتميزها عن الجماعات والمؤسسات الاجتماعية الأخرى وهذه الخصائص هي:

  1. أن الأسرة عبارة عن وحدة من الأفراد الذين يتفاعلون معا (الزوج والزوجة، الأب والأم، والابن والابنة، الأخ والأخت)، ويتبادلون العلاقات ويقومون بأدوار اجتماعية، هذه الأدوار يحددها المجتمع وتدعمها العواطف التي ترجع إلى التقاليد والانفعالات النابعة من الأحداث والتجارب،
  2. تتكون الأسرة من أفرا يرتبطون مع بعض بروابط الزوجية أو التبني أو الدم، والعلاقة بين الزوج والزوجة هي الزواج، والعلاقة بين الوالدين والأطفال هي علاقة الدم أو أحيانا التبني،
  3. يعيش أفراد الأسرة تحت سقف واحد ويكونون عائلة واحدة وأهلا لبعض، وقد يعيشون متفرقين فهم يَعْتَبِرون أهل البيت أهلا لهم، وقد تكون العائلة ممتدة كبيرة الحجم فتتكون من ثلاثة أو أربع أو خمسة أجيال، وقد تكون محدودة الحجم ونقتصر على الزوج والزوجة دون أطفال أو طفل أو أكثر،
  4. تستمد الأسرة ثقافتها الأساسية من الثقافة العامة، ولكن في المجتمعات المعقدة يكون لكل أسرة سمات ثقافية مميزة نتيجة تجارب واتصالات أفراد الأسرة الذين يدمجون أنماط سلوكهم في ثقافة الأسرة،
  5. يشدد المجتمع حراسته على الأسرة عن طريق القواعد القانونية والمحرمات الاجتماعية، ولذلك فإنها تحاط باهتمام أكبر بواسطة أدوات الضبط الاجتماعي، وهذا أبلغ دليل على أهميتها القصوى بالنسبة لكافة المجتمعات.

وقد اتسمت الأسرة قديما بالقيام بكل الوظائف المرتبطة بالحياة، واتسمت بتحقيق وظائفها بالشكل الذي يلائم العصر الذي تنتمي إليه، حيث اختلفت وتطورت وظائف الأسرة نتيجة تطور العصور التي أثرت في طبيعة تلك الوظائف وكيفية ووسائل قيام الأسرة بها، ولكن لم يختلف الهدف في تلك الوظائف بالرغم من تعرضها للتطور والذي يتمثل في تكوين الشخصية المتزنة انفعاليا والقادرة على التكيف مع متطلبا الحياة الاجتماعية. وعلى الرغم من تعدد الأشكال الخاصة للحياة الأسرية بين المجتمعات إل أن هناك وظائف عامة تقوم بها هذه المؤسسة في كافة المجتمعات، وهي تتشابك مع بعضها البعض وتعمل كل وظيفة على مساندة الوظائف الأخرى في كل مرحلة من مراحل الحياة الأسرية.

وظائف الأسرة المسلمة

وفيما يلي نحدد أهم وظائف الأسرة مع توضيح لكل وظيفة على حدة:

  1. الوظيفة البيولوجية؛ تعتبر من أهم وظائف الأسرة وتتعلق بالإنجاب والتناسل وذلك لحفظ النوع من الانقراض، ولكي تحقق الأسرة هذه الوظيفة وتسعد بإنجاب أطفال أصحاء من الناحيتين الجسمية والعقلية يجب مراعاة ما يلي: فلا بد أن يتمتع الأبوان بصحة جسمية سليمة، وفي حال اعتلال الصحة البدنية يجب منع النسل حتى لا ينتج نسلا ضعيفا بسبب المراض المعدية او الأمراض المزمنة...إلخ. كما يجب أن تكون الناحية العقلية لدى الأبوان صحيحة حتى لا ينتجوا أطفال ضعاف العقول. ويجب أيضا أن تكون موارد الأسرة كافية حتى يمكن تلبية جميع مطالبها، وبمعنى أخر ينبغي أن يكون عدد أفراد الأسرة عددا نموذجيا يحقق التوازن بين موارد الأسرة واحتياجات أفرادها ويكون متفقا مع جميع الوظائف الأخرى من اجتماعية ونفسية واقتصادية.
  2. الوظيفة الاقتصادية: تتعلق هذه الوظيفة بالإنفاق على الأسرة، وكان من المعروف في الماضي أن رب الأسرة هو الكفيل الاقتصادي لجميع مطالب الأسرة، ولكن مع التطور والمدينة وتنوع الحاجات أصبح لزاما على كل فرد في الأسرة بالمساهمة في الوظيفة الاقتصادية للأسرة مما يتطلب تعويد الأبناء منذ الصغر على تحمل المسؤولية وضرورة المشاركة الجادة والفعالة فيما يتعلق بميزانية الأسرة. ولكي تتحقق الوظيفة الاقتصادية في الأسرة يجب مراعاة ما يلي؛ مساهمة الأب والأبناء البالغين حسب الامكانيات في دخل الأسرة، مساهمة الأم في الدخل عن طريق العمل بداخل المنزل أو خارجه بما لا يتعارض مع وظيفتها الأساسية في التربية والتنشئة الاجتماعية للأطفال ورعاية شون المنزل والزوج. العمل على ايجاد فائض من الدخل تأمينا لمستقبل الأسرة ومواجهة الظروف الطارئة.
  3. الوظيفة النفسية: وتختص هذه الوظيفة بتهيئة الجو النفسي في الأسرة والثقة المتبادلة والحب والتآلف بين أفرادها وذلك لأن الأطفال يتأثرون بالجو النفسي السائد في الأسرة وبالعلاقات القائمة بين الأب والأم وهم يكتسبون اتجاهاتهم النفسية بتقليد الآباء والأهل، وأيضا بالخبرات التي تسيطر على المناخ الذي يحيا في إطاره الطفل. ولتكوين الشخصية السوية للأطفال وتحقيق السعادة وتنمية الشعور بالمسؤولية وحفظ كيان الأسرة يجب، مراعاة ما يلي:
  • عقد اجتماعات أسبوعية تضم جميع أفراد الأسرة لمناقشة شؤونها ودراسة مشاكلها عامة ومشاكل كل فرد من أفرادها، مما يساعد على تقريب وجهات النظر وتحقيق المشاركة الوجدانية بين أفرادها،
  • اتاحة الفرصة لجميع أفراد الأسرة بالمساهمة الايجابية في رسم وتخطيط وتنفيذ برامج الأسرة،
  • تنمية معايير النضج النفسي عند أفراد الأسرة عن طريق تنظيم العلاقات بين الأب والأم، وبين الآباء والأبناء، وبين الأبناء بعضهم البعض في جو من الاحترام والتقدير المتبادل.
  • الوظيفة الاجتماعية: تمثل الأسرة حجر الأساس في عملية التطبيع الاجتماعي لأفرادها حيث تُعدُّ الفرد للامتثال لمطالب المجتمع والاندماج في ثقافته واتباع تقاليده والخضوع لالتزاماته ومسايرة الأخرين بشكل عام. وقد أكدت الأبحاث والدراسات على الأثر العميق للأسرة في تربية وتشكيل شخصية أفرادها بالمقارنة بتأثير أية منظمة اجتماعية أخرى خاصة خلال مرحلة الرضاعة والطفولة المبكرة، أي السنوات الخمس الأولى في حياة الفرد وذلك للأسباب الآتية؛
  1. يكون الطفل في هذه المرحلة سهل التشكيل وسهل التأثير عليه وشديد القابلية للتعلم، وذلك نظرا لقلة خبرته، بالإضافة إلى أنه في حاجة دائمة إلى من يعيله ويرعى حاجاته العضوية والفسيولوجية،
  2. إن هذه الفترة من حياة الطفل تكون حاسمة وخطيرة في تكوين شخصيته، حيث أن ما يغرس في أثنائها من عادات واتجاهات وعواطف ومعتقدات بصعب تغييره فيما بعد، ومن ثم يبقى أثرها ملازما للفرد في الكبر، ويتوقف أثر الأسرة في عملية التطبيع الاجتماعي على عوامل عدة منها:

- وضع الأسرة الاجتماعي والاقتصادي ومستوى ثقافتها،

- حجم الأسرة تماسكها واستقرارها ومناخها العاطفي.

- الوظيفة الدينية: تكمن في أن يقدم الآباء لأبنائهم الخبرات الكافية عن دينهم وتعاليمه وعن كل ما يؤدي بهم غلى ان يكونوا أبناء صالحين يتحلون بالأخلاق الدينية دون إغفال حقهم بعيشة كريمة في هذه الحياة.

- الوظيفة الأخلاقية: عندما تغيب الأخلاق كل الوظائف تذهب أدراج الرياح، فمن دعائم هذه الوظيفة تعليم الأبناء احترام اسم الأسرة واحترام السن (أن نوقر كبيرنا ونرحم صغيرنا) وكذا احترام المرأة كأم وأخت وزوجة وابنة، وتعليم الأبناء الصدق والأمانة وعدم اخلاف الوعد وتجنب النفاق وعدم انكار فضل الوالدين، وعدم الاعتداء على حقوق أفراد الأسرة...

تجدر الإشارة هنا إلى أن وظائف الأسرة عرفت تطورا على مر العصور، ففي ضوء الدراسات والبحوث السوسيولوجية التي اجريت على عينة من الأسر في المجتمعات العربية للتعرف على الوظائف التي تقوم بها الأسرة في الوقت الحاضر، تَبَيَّنَ:

✓ أن وظائف الأسرة لم تتغير كثيرا، فما زالت نسبة لابأس بها تحتفظ بوظائف كانت تميز الأسرة الممتدة التقليدية، وربما يرجع ذلك إلى التأثر النسبي بالتغير والاستجابة المتفاوتة له من قبل فئات معينة، تلك الاستجابات التي تعكس المستوى الاجتماعي والثقافي والمهني.
تحول الأسرة - تحت تأثير الحياة الحضرية بالتدريج - من وحدة منتجة إلى وحدة مستهلكة، كما ان معدل إسهامها ككل في الأنشطة الاقتصادية المتنوعة في المجتمع قد زاد وذلك بالمقارنة مع الأسرة التقليدية القديمة نظرا لإشراك واحدا أو أكثر من أعضائها وبطرق مختلفة في أنشطة النظام الكلي للمجتمع،
✓ يظهر بصورة واضحة أن الأسرة العربية المسلمة ليست مثل الأسرة في المجتمعات الغربية حيث أنها لا تعتمد اعتمادا مطلقا على السوق الخارجية في كل مطالبها المادية على وجه الخصوص، فلا زالت نسبة لابأس بها من الأسر تصنع كثيرا من حاجاتها وخاصة في الغذاء والملبس داخل نطاق المنزل،
✓ أصبحت الأسرة تشارك في الوظيفة التعليمية عن طريق المتابعة والإشراف المنظم في كثير من الحوال على تقدم أبنائها الدراسي وإنجازهم لواجباتهم المدرسية،
✓ تغير أساليب التنشئة الاجتماعية، إلا أن عملياتها المختلفة لا تزال أهم وظائف الأسرة جميعا، وليس هناك شك أن طرق التربية والتنشئة الاجتماعية لا تتغير من فئة إلى أخرى حيث تعكس خبرة الوادين ومستواهما الاقتصادي والثقافي والاجتماعي والمهني، ويرتبط ذلك بأسلوب معاملة الأبناء والنظرة إلى السن والجنس وابداء الرأي وحرية المناقشة وتكامل الشخصية، تلك المسائل التي تبين تفاوت مواقف أسر الطبقات المختلفة بشأنها.

خلاصة واستنتاج

      نستنتج من هذه النتائج السابقة أن هذا التغير الذي حدث في وظائف الأسرة في المجتمعات المسلمة لا يعني أنه قد حدثت تغيرات عميقة يمكن أن تؤيد الرأي القائل أن الأسرة سوف تتحول فقط إلى مكان لممارسة العلاقات الجنسية، فكل فقدان لبعض الوظائف - استجابة للتغيرات الجارية – يدعم من وحدة الأسرة وتكاملها ويزيد من قدرتها على مواجهة متطلبات التنشئة الاجتماعية وتنمية شخصية الأطفال وإعدادهم لمواجهة حياة أفضل مما واجهه الآباء، وبمعنى آخر لم تتحول الأسرة العربية المسلمة في مسيرة التقدم إلى وحدة بيولوجية بل على العكس تؤكد صفتها الإنسانية والاجتماعية باستمرار.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق