التبادل الرمزي درس مفهوم التبادل الأولى باكالوريا

 المحور الثالث؛ التبادل الرمزي: الزواج، الكرم، الهبة، العطية ...

تأطير إشكالي للمحور:

إن التبادل بما هو ظاهرة أو خاصية إنسانية تميز المجتمعات البشرية، يشمل كفعل ليس فقط تبادل ماهو مادي من خيرات ومنافع وغيرها، فهو يمتد إلى ماهو رمزي ومعنوي كتبادل الهدايا والهبات التي تعود بالنفع على الانسان دون أن تكون لها أية مردودية اقتصادية أو مادية، فما الدافع إذن، إلى تبادل الهبات والهدايا؟ ما حاجة الإنسان إلى ذلك؟ على ماذا يقوم هذا النوع من التبادل؟ وهل يحمل طابعا إراديا أم إلزاميا ؟ ثم ما وظيفة الهبة أو العطية أو الأعطية في التبادل الرمزي ؟

تحليل نص نسق العطية، مارسيل موس: من التبادل الاقتصادي إلى التبادل الرمزي.

ليس التبادل مادي اقتصادي نفعي فقط، فهناك أيضا بعد أخر للتبادل، يأخذ ملمحا وتجليا رمزيا، نفسيا وثقافيا يتسم بالشمولية، « لا تبادل فقط الممتلكات والثروات والمنقولات والعقارات والأشياء النافعة اقتصاديا، وإنما تتبادل أيضا مجاملات وولائم وطقوسا وخدمات عسكرية ونساء وأطفال ورقصات...».تجليات رمزية يمكن أن تتمظهر في شكل هبات أو عطايا وهدايا في شكل سلوك إرادي، لكنه في حقيقته وفي عمقه سلوك يخضع لقوانين غير مكتوبة قد تصل صرامتها إلى حد الإلزام كما لو أن الأمر يتعلق بحروب خاصة أو شخصية أو جماعية عامة .

تحليل موقف كلود ليفي ستراوس، الزواج كتجل للتبادل الرمزي.

يذهب ستراوس إلى أن « تحريم انتهاك المحارم ليس مجرد منع، ففي الوقت الذي يتم الدفاع عنه ينظم أيضا. (...) إن مضمون التحريم لا يُستنفذ في واقعة التحريم، فهذا الأخير لا يتأسس إلا عندما يضمن أو يقسم - بشكل مباشر أو غير مباشر بدون توسط أو بتوسط - تبادلا معينا ». والتبادل هنا يقصد به الزواج أي تبادل النساء من خلال ظاهرة الزواج. إن الزواج هو نوع من التبادل الذي يقوم على التحريم، وهو تبادل تتخذ فيه المرأة صفة غير مادية. « ففي الوقت الذي أمنع نفسي عن امرأة معينة وتصبح بذلك من نصيب رجل أخر، فهذا يعني أن هناك رجلا في مكان ما يمتنع عن امرأة معينة لتصبح من نصيبي ». بمعنى أن الرجل الذي يتخلى عن ابنته أو اخته لرجل آخر لا يفعل ذلك مقابل الحصول على ما يعادلها نقدا ( ماديا )، فالأمر يتعلق بهبة أو هدية تتجاوز في رمزيتها كل ما هو مادي.

تحليل موقف جورج بطاي؛ الكرم والمبادلات الاحتفالية

يؤكد بطاي في موقفه على ما جاء به ستراوس بخصوص الزواج كمظهر من مظاهر التبادل الرمزي. حيث يرى جورج بطاي أن « مبدأ الكرم هو الذي يحكم هذا النوع من التبادلات التي تتخذ دوما طابعا احتفاليا ». فالإنتاج السائد في كل مجتمع ينقسم إلى قسمين : إنتاج يقوم على الربح، ويتعلق الأمر بالإنتاج الاقتصادي المادي، وإنتاج يقوم على الخسارة وهذا النوع من الانتاج ، هو الإنتاج المعنوي أو الرمزي. « إن الأب [ الذي يزوج ابنته ] والأخ [ الذي يزوج أخته ] ، يقومان بإدراج الثروة التي ترمز إليها البنت و الأخت في دورة المبادلات الاحتفالية: كل واحد يعطيها كهدية». فمنح البنت أو الأخت فعل يتطابق ومبدأ الكرم الذي هو « جزء من دورة عامة لتقديم الهبات. فأنا سوف أستقبل – إن وهبت ابنتي – امرأة أخرى لابني ( أو لحفيدي) ».

تحليل موقف موريس غودولييه، الهبة والعلاقة بين الواهب والموهوب له.

إن الوهب كما يبين غودولييه يؤسس لعلاقة مزدوجة بين من يهب ومن  يتلقى، كأن من يهب يكفل الموهوب له ويشاركه ما بحوزته من خيرات ومقدرات، وهذا يعني تفوق الواهب وتبعية الذي يأخذ للذي يعطي وفق علاقة تراتبية بينهما، ما يمنح الواهب سلط مادية ورمزية. بهذا المعنى ف "إن الوهب يقرِّب الشخصين باعتباره مشاركة، وهو يباعد بينهما اجتماعيا لأنه يجعل أحدهما أسير فضل الآخر".

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق