فروض محروسة نصوص فلسفية مفهوم الشخص: قضية هوية الشخص
نص راسل: الذاكرة أساس الحياة الذهنية للشخص، فرض محروس الدورة الأولى الشخص والهوية
" يجب علينا أن نحدد ما هي العلاقة التي تربط بين أحداث معينة على نحو يجعل منها الحياة الذهنية لشخص ما، من الواضح أن الذاكرة من أهمها جميعا، فالأشياء التي أتذكرها هي تلك التي حدثت لي أنا. وإذا كان بإمكاني أن أتذكر مناسبة ما وأتذكر ضمن هذه المناسبة شيئا آخر فإن هذا الشيء الآخر قد حدث لي أيضا. غير أنه يمكن الاعتراض على هذا القول بأن شخصين قد يتذكران نفس الحدث، لكن مثل هذا الاعتراض ينطوي على خطأ، لا يوجد شخصان أبدا يريان نفس الشيء بسبب اختلاف موقعيهما، كما لا يمكن أن يكون لهما نفس إحساسات السمع والشم واللمس أو الذوق. إن تجربتي يمكن أن تتشابه بشكل كبير مع تجربة شخص آخر لكنها تختلف عنها دوما بهذا القدر او ذاك. فتجربة كل شخص هي تجربة خاصة به لوحده." (( راسل ))
نص: التفكير هو ما يجعل الشخص هو هو
"كل فكرة سواء كانت غامضة أوواضحة سواء تعلقت بمذهب أو بعاطفة أو بشيء…أو بشك أو بذكرى أو بندم…الخ، صادقة كانت أو كاذبة، دائمة أو غير دائمة، حصلت في الأحلام أو في اليقظة، إنما تصدر عن ذات دائمة هي الأنا، وبتعبير أدق، عن ضمير المتكلم المفرد. فعندما أتخيل عالما مجهولا لا أوجد فيه، عالما مفارقا أو أتخيل ماضيا وجد قبلي أو مستقبلا يوجد بعدي، فإني أظل دائما تلك الذات التي تصدر عنها تلك الأفكار. إنني أفكر في كل ما يفكر فيه، في كل ما يوجد في كل ما يمكن أن يوجد، في كل ممكن وكل مستحيل، لذلك لا يمكنني أن أفكر بأنني غير موجود كما بين ذلك ديكارت. لست سوى واحد، إذ لو كنت مزدوجا لظل الاثنان هما أنا. وعندما أنشطر إلى شطرين يتضح لي على نحو أفضل أنني لست سوى واحد. إذ أن أحد الشطرين هو أنا والثاني هو أنا كذلك. إني أظل أنا هو أنا. إذ حين أوجد على حال ثم أوجد على حال ثانية، ففي الحالتين معا أظل أنا هو أنا. فلن أعرف أبدا أنني شخص آخر إن لم أكن أنا ذاتي ذلك الشخص الآخر. إنني الذات التي تصدر عنها كل فكرة…".
نص لاشوليي: الذاكرة والهوية الشخصية
"من الأكيد أننا ننظر لأنفسنا
على أننا شخص واحد، وأننا نفس الشخص في كل فترات عمرنا؛ لكن هذه الهويّة التي
ننسبها لأنفسن، هل تفترض بالضرورة أن فينا عنصرا ثابتا، أنا حقيقيًا وثابتًا؟
لنسجل أن الوقائع تكذب كليا هذه
الفرضية، فالإنسان الذي هو في حالة نوم ليس له أنا، أو على الأقل ليس له إلَّا أنا
متخيّل يتبخر عندما يستيقظ؛ كما أن ضربة واحدة على الرأس تكفي لحفر هوة عميقة بين
أنا اليوم وأنا البارحة لأنها تشلّ ذكرياتنا. ونحن نعرف كذلك حالة بعض المرضى
الذين لديهم أنا أول وأنا آخر يتناوبان فيما بينهما وأحدهما يعرف الآخر…
أن نقول بأننا نرجع حالاتنا
الداخلية إلى أنانا معناه أن نقول إننا نرجع حالاتنا الداخلية الخاصة إلى أنا ما
أو إلى ذات حاملة عامة… ليس هناك سوى شيئين يمكن أن يجعلاننا نحس بهويّتنا أمام
أنفسنا وهما: دوام نفس المزاج أو نفس الطبع، وترابط ذكرياتنا. ذلك أن لدينا نفس
الطريقة الخاصّة في ردّ فعلنا تجاه ما يؤثر علينا، أي أن نفس العلامة تسم ردّ
فعلنا الأخلاقي وتطبع حالاتنا النفسية الداخلية بطابع شخصي…؛ إضافة إلى ذلك فإن
ذكرياتنا تشكل، على الأقل بالنسبة للقسم القريب من حياتنا، سلسلة مترابطة الأطراف:
فنحن نرى أن حالتنا النفسية الحالية تتولد من حالتنا النفسية السابقة. وهذه من
سابقتها… وهكذا يمتد وعينا التذكري في الماضي ويتملكه ويربطه بالحاضر…
ليست هويّتنا الشخصية إذن، كما كان
متداولا من قبل، معطى أوليا أصليّا في شعورنا، بل إنها ليست إلا صدى – مباشرا أو
غير مباشر، متواصلا أو متقطعا- لإدراكاتنا الماضية في إدراكاتنا الحاضرة. وهكذا
فنحن لسنا، أمام أعيننا سوى ظواهر يتذكر بعضها بعضا". ((لاشوليي))
شرودنغر؛ الهوية حاصل التجربة الخاصة والذاكرة
" لكل واحد منا انطباع أكيد بان الحاصل
الكلي لتجربته الخاصة ولذاكرته يشكل وحدة متميزة تماما عن تلك التي لأي شخص آخر،
وهو يسمي هذه الوحدة ب"الأنا". ولكن ما "الأنا"؟ إذا قمنا
بتحليل هذا المفهوم فإننا سنجد، على الأرجح، أنه يعني مجموع المعطيات المنعزلة
(تجارب وذكريات) إضافة إلى الأرضية التي تتجمع فوها تلك المعطيات. وبعملية استبطان
أو تأمل ذاتي سنكتشف أن "الأنا" هو الساس الذي تنبني فوقه بثبات تلك
المعطيات من ذكريات وتجارب. لنتخيل أننا سافرنا إلى بلد بعيد وغبنا عن جميع
أصدقائنا القدامى لدرجة نسيانهم، وأننا تمكنا بالتالي، من التعرف على أصدقاء جدد
وشاركناهم حياتهم بصَخَب أكبر مما كُنا نفعله مع أولئك القدامى. إن الانغماس في
الحياة الجديدة لن ينسينا، أبدا حياتنا القديمة على الرغم من أنها اصبحت بالتدريج
تفقد أهميتها بالنسبة لنا، فما زلنا نذكر الشاب الذي كُنّاه سابقا ونتحدث عنه
بضمير الغائب (...) ومع ذلك، فإن مجرى حياتنا لن يعرف انقطاعا ولا موتا. وحتى لو
تمكن أحدهم من دفعنا إلى نسيان كافة الذكريات، فإنه لن يكون قد قتلنا أو أفقدنا
وجودنا باعتبارنا أشخاصا". ((
إرفين شرودنغر ))
نص الفرض المحروس الدورة الأولى مجزوءة الوضع البشري مفهوم الشخص
"إذا تمت تنشئة شخص ما، فإنه يصبح
"من الوسط" و"ينتمي" إلى عائلة أو جماعة أو مؤسسة أو دين أو
وطن. والانتماء إلى جماعة ما، هو مشاطرة
الفرد الأعضاء الآخرين قدرا من الأفكار أو السمات المشتركة. ليتعرف "أناه"
من خلال "النحن" المكون من الجماعة؛ والانتماء أيضا هو أن يتقمص
"الأنا" ذاك "النحن"، بحيث يستقي منه –جزئيا على الأقل- هويته
النفسية والاجتماعية.. يكون الشخص الذي تمت تنشئته في ثقافة معينة ومجتمع معين، قد
نمى حاجيات فيزيولوجية وأذواقا وهيئات جسمية، تطلبت إشراطا لعضويته العصبية-
الفيزيولوجية وجهازه الحسي الحركي... وعلى المستوى الانفعالي لا نجد فقط أن
التعبير عن العواطف موجه من طرف الأطر والقيود والعقوبات المتضمنة في ثقافة ما، بل
وحتى العواطف نفسها تُخنق وتُكبح وتُقمع من طرف ثقافة ومجتمع ما... وأخيرا، تمدنا
التنشئة الاجتماعية على المستوى الفكري بمقولات عقلية، وتمثلات وصور ومعارف وأفكار
مسبقة وقوالب جاهزة، وباختصار "طرق للتفكير" لا يمكن للذكاء بدونها
أن يتبلور وينمو وينتج، وكذلك الأمر
بالنسبة للذاكرة والمخيلة؛ فاستيعاب عناصر الثقافة تنمو القدرات العقلية وتتمكن من
خلق عناصر ثقافية جديدة. والنتيجة الطبيعية للتنشئة الاجتماعية هي إنتاج تطابق كاف
في "طرق العمل والتفكير والإحساس" لدى كل عضو من الجماعة، وذلك ليتكيف
كل شخص ويندمج مع تلك الجماعة من جهة، ولتتمكن الجماعة من البقاء والدوام من جهة
أخرى." (( روشر ))
نص؛ ورنوك: وحدة الجسد والذاكرة أساس هويتنا الشخصية - امتحان وطني
" إن المعيار الغالب للحكم على أن الشخص هو هو، كما يرى الحس العام، هو
استمرارية الجسد المادية عبر الزمن، وهو المعيار نفسه الذي نستخدمه للحكم على أن
الدراجات الهوائية أو غيرها هي نفسها دون سواها. أما إذا تحدثنا بخلاف ذلك، فإن
حديثنا سيكون على سبيل الاستعارة كأن أقول مثلا أنا إنسان جديد)، فلو صح هذا القول
لما كان بوسعي التفوه به. وحقيقة أننا نشعر أن هويتنا الجسدية عبر الزمن أمر معقد
وأنها تتأكد من خلال المعرفة الداخلية بماضينا التي تأتي بها الذاكرة. يجب ألا
يُثير دهشتنا على الإطلاق كون الذاكرة نفسها تتصل بالضرورة بأدمغتنا وبأجسادنا.
وإذا كانت ذكرى الماضي قد سببها ما حدث لنا، أي ما حدث لأجسادنا وأدمغتنا، فمن غير
المدهش أن استمرارية هذه الأجساد عبر الزمن يجب في بعض الأحيان على الأقل، أن
يتأكد من خلال معيار الذاكرة". (ورنوك)
روني ديكارت؛ الفكر هو ما يجعل الشخص في هوية مع ذاته
" ولكن أي شيء أنا إذن؟ أنا "شيء
مفكر"، وما الشيء المفكر؟ إنه شيء يشك، ويفهم، ويتصور، ويثبت، وينفي، ويريد،
ويتخيل، ويحس أيضا. إنه ليس بالأمر اليسير أن تكون هذه كلها خصائص طبيعتي، ولكن لم
لا تكون من خصائصها؟ ألستُ ذلك الشخص نفسه الذي يشك الآن في كل شيء تقريبا، وهو مع
ذلك يفهم بعض الأشياء ويتصورها ويؤكد أنها وحدها صحيحة، وينكر ما سائر ما عداها،
ويريد أن يعرف غيرها، ويأبى أن يخدع ويتصور أشياء كثيرة على الرغم منه أنه أحيانا،
ويحس منها الكثير أيضا بواسطة أعضاء الجسم؟ فهل هناك من ذلك كله شيء يعادل في صحته
اليقين بأني موجود، حتى لو كنت نائما دائما وكان من منحني الوجود يبذل كل ما في
وسعه من مهارة لإضلالي؟ وهل هنالك أيضا صفة من هذه الصفات يمكن تمييزها عن فكري أو
يمكن القول بأنها منفصلة عني؟ فبديهي كل البداهة أنني أنا الذي أشك وأنا الذي أفهم
وأنا الذي أرغب، ولا حاجة إلى شيء لزيادة الإيضاح. ومن المحقق كذلك أن لدي القدرة
على التخيل: لأنه على الرغم من أنه من الممكن – كما افترضت فيما سبق – أنه لا شيء
مما أتخيل بحقيقي، فإن هذه القدرة على التخيل لا تنفك أن تكون جزءا من تفكيري،
وأنا أخيرا الشخص عينه الذي يحس، أي الذي يدرك أشياء بعينها بواسطة الحواس... من
هنا بدأت أعرف أي شيء أنا، بقدر من الوضوح والتميز يزيد عما كنت أعرف من
قبل." (( روني ديكارت
))
نص جون لوك؛ الشعور والذاكرة
"لكي نهتدي إلى ما يكوّن الهوية
الشخصية لابد لنا أن نتبين ما تحتمله كلمة الشخص من معنى. فالشخص، فيما أعتقد،
كائن مفكر عاقل قادر على التعقل والتأمل، وعلى الرجوع إلى ذاته باعتبار أنها
مطابقة لنفسها، وأنها هي نفس الشيء الذي يفكر في أزمنة وأمكنة مختلفة. ووسيلته
الوحيدة لبلوغ ذلك هو الشعور الذي يكون لديه عن أفعاله الخاصة. وهذا الشعور لا
يقبل الانفصال عن الفكر، بل هو، فيما يبدو لي، ضروري وأساسي تماما بالنسبة للفكر،
مادام لا يمكن لأي كائن [بشري]، كيفما كان، أن يدرك إدراكا فكريا دون أن يشعر أنه
يدرك إدراكا فكريا. عندما نعرف أننا نسمع أو نشم أو نتذوق أو نحس بشيء ، فإنما
نعرف ذلك في حال حدوثه لنا. إن هذه المعرفة تصاحب على نحو دائم إحساساتنا
وإدراكاتنا الراهنة، وبها يكون كل واحد منا هو نفسه بالنسبة إلى ذاته. إذ لما كان
الشعور يقترن بالفكر على نحو دائم، وكان هذا هو ما يجعل كل واحد هو نفسه، ويتميز
به، من ثم، عن كل كائن مفكر آخر، فإن ذلك هو وحده ما يكون الهوية الشخصية أو ما
يجعل كائنا عاقلا يبقى دائما هو هو. وبقدر ما يمتد ذلك الشعور بعيدا ليصل إلى
الأفعال والأفكار الماضية، بقدر ما تمتد هوية ذلك الشخص وتتسع. فالذات الحالية هي
نفس الذات التي كانت حينئذ، وذلك الفعل الماضي إنما صدر عن الذات نفسها التي تدركه
في الحاضر." (( جون لوك ))
نص بيرتون، مقتطف من امتحان وطني، حول أساس هوية الشخص،
"ما أساس هوية الشخص؟ نحن لن
نهتم بالصفات الهامشية أو العابرة للشخص التي قد يستعان بها، عادة، للتعرف على
هوية الشخص في وقت معين، ولكننا سنهتم بكل ما هو ثابت وضروري لإثبات تفرده، بحيث
إذا انتزعت منه أي صفة من هذه الصفات فإنه لن يظل هو هو… إن أول إجابة تخطر بالبال
عند مواجهة سؤال من هذا القبيل هي أننا نعرف أنفسنا، كما نعرف الآخرين، اعتمادا
على المظهر الجسماني الخارجي. فهذه وسيلة التعرف على ما يقصد به هوية الشخص. فتبدو
في نظرنا “هناء” مثلا فتاة ذات شعر بني اللون، ولون جلدها باهت، وترتدي ملابس
ناعمة… ولكن إذا افترضنا أن “هناء” غيرت لون شعرها وصبغته باللون الأشقر، وتغير
لون جلدها بعد تعرضه للشمس، وراحت ترتدي أزياء أخرى، فإنها ستظل هي هي رغم كل ذلك…
توحي التأملات من هذا القبيل بأن هوية الشخص لا ترجع إلى أية مظاهر جسمية على
الإطلاق. فإذا تصادف أن فقد الشخص إحدى قدميه أو عينيه في حادث مريع، فإن هوية هذا
الشخص لن يعتريها أي نقص… فالتفرد يرجع إلى شيء داخلي أكثر منه إلى شيء خارجي، أي
أنه مسألة تمس العقل لا البدن، وبذلك فهو يعود إلى أسباب غير مادية وليس إلى أسباب
مادية. فالظاهر، إذن، أن فقدان الشخص للذاكرة أو لقدرته على التفكير قد يتسبب في
حدوث تبدل في الهوية على نحو لا يظهر في حالة فقدان عضو من أعضاء الجسم. وبعبارة
أخرى، فإن أي تغير عقلي كبير – بالمقارنة مع كل تغير جسمي كبير – يمكن بسهولة
إدراكه بوصفه تغيرا في الهوية". (( بيرتون ))