التبادل خاصية إنسانية ظاهرة التبادل - مدونة الفلسفة

أصل ظاهرة التبادل وعلاقته بالمصلحة

المحور الأول؛ التبادل خاصية إنسانية،

تأطير إشكالي:

ما معنى التبادل أو أن نتبادل؟ إن التبادل هو فعل يتم من خلال عملية تواصل بين الأفراد والجماعات، ويتخذ ذلك التواصل أشكالا ووجوها متعددة. فالتبادل فعل أخذ وعطاء، موضوعه إما خيرات مادية أو قيما أو علامات ورموز أو أشخاص. ويبدو أن التبادل ظاهرة مرتبطة بالمجتمع البشري. فما أصل هذه الظاهرة (التبادل)؟ هل يرجع أساس التبادل إلى طبيعة الإنسان، أم أنه نتاج للثقافة وانعكاس لتطور المجتمع؟ وهل التبادل مصلحة شخصية أم ضرورة بشرية عامة؟

تحليل نص الأساس الطبيعي للتبادل، موقف أرسطو؛

يرى الفيلسوف اليوناني أرسطو أن التبادل لا يقوم أو يتم إلا على الأشياء القابلة للمقارنة، "إن شئنا أن نتبادل الأشياء يلزم أن تكون قابلة للمقارنة بشكل من الأشكال". وهذا لا يكون ممكنا من دون وجود معيار أو مقياس لتحقيق المساواة بين الأشياء المتبادلة، هذا المقياس هو العملة النقدية التي أصبحت معيارا لقياس كل الأشياء وتحديد قيمتها التبادلية. "ولهذا يتم اللجوء إلى العملة النقدية التي هي بمعنى من المعاني وسيط. فهي تعتبر معيارا يقيس كل شيء سواء تعلق الأمر بالقيمة العليا لذلك الشيء أو بقيمته الدنيا". هكذا أصبح النقد (العملة) بفضل نوع من الاتفاق وسيلة تبادل نحصل بواسطتها على ما ليس لدينا، فنلبي بذلك حاجاتنا. كما أنه لولا وجود حاجات أو الحرمان لما كانت هناك أية تبادلات. بمعنى أن التبادل هو ضرورة لإشباع حاجات بشرية. ومن ثمة يجد التبادل أساسه في الطبيعة، ومع "تطور علاقات التعاون المتبادل بين الناس .. بات من الضروري استعمال النقد، لأن الأشياء التي نحتاج إليها بالطبيعة لا يتيسر نقلها دائما".

موقف آدم سميث، تحليل نص، المصلحة أصل التبادل، أو التبادل والمنفعة؛

إن التبادل من منظور المفكر الأمريكي آدم سميث خاصية انسانية، حيث أن كل شخص يعطي الشخص الآخر ما يحتاجه، ومن تم يتضح أن التبادل قائم أساسا على المصلحة الخاصة. فالمغنم الشخصي والمصلحة الخاصة هما الدافع إلى إقامة مقايضات وتبادلات بين الناس. وهذا الامر طبيعي في الإنسان «لأن للبشر نزوعا وميلا طبيعيا يدفعهم إلى البحث عن الكسب وإلى إقامة مقايضات، وتبادل أشياء مقابل أخرى ... وهذا النزوع مشترك بين سائر البشر، و لا نلاحظه لدى أي نوع من الحيوانات». ما يعني أن التبادل خاصية إنسانية، فلا يوجد كلب يبادل كلب أخر قطعة عظم أو يتقاسماها بالتفاوض فيما بينهما. ويظهر أن العلاقات الاجتماعية تقوم على المصلحة العامة، من نكران الذات واعلاء لقيم الغيرية، غير أنما في الحقيقة تنبني على الأنانية والمصلحة الذاتية. « اعطني ما أنا بحاجة إليه، أعطيك ما أنت، بنفسك بحاجة إليه ».

موقف فريديريك نيتشه، تحليل نص؛ ما علاقة التبادل بالقيم.

يجد التبادل أصله حسب الفيلسوف الألماني فريديريك نيتشه، في المصلحة الشخصية أو ما أسماه بالحق الشخصي في أكثر أشكاله جنينية . فقد شكل التبادل أساس القيم الإنسانية (الإحساس بالخطأ – الذنب، الإلتزام الشخصي..) القائمة على قاعدة «لكل شيء ثمن، كل شيء يشترى». يقول نيتشه: «إن أكثر المجتمعات بدائية وقِدَماّ استمدت أفكار التبادل والعقد والدَيْنِ والقانون والواجب والتعويض، من الشكل الأكثر جنينية للحق الشخصي (...) اتصل إلى هذا التعميم الذي يقول بمبدأ : "لكل شيء ثمن، كل شيء يشترى"».

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق