المحور الثاني الحكم الجمالي مفهوم الفن الأولى باك مادة الفلسفة

مجزوءة الفاعلية والإبداع: درس الفن؛ الحكم الجمالي

تقديم إشكالي: دلالات المفهوم وإشكالياته

إذا سألنا فنانا «لماذا ترسم؟» أو موسيقيا «كيف تبدع ألحانك؟» فلعنا سنتلقى جوابا عن سؤالينا، ولعلنا لن نجد في جوابهما ما يقنع بأن الفنان يعرف السبب الذي يدفعه إلى الرسم، ولا كيف يحقق أعماله الفنية، ولا ما هو الفن إجمالا. إن الفن يعني الإبداع للجمال الذي لا يمكن إعادة إنتاجه، إبداع متكيف مع ذاته بحيث يخلق شعورا أو أثرا جميلا، ويعني كذلك شكلا من أشكال التقنية ومجالا للممكن.

وعليه يمكن أن نتساءل؛ فيما تتحدد ماهية الفن أو العمل الفني؟ وكيف نحكم على عمل فني بأنه جميل؟ وما علاقة الفن بالواقع؟

المحور الثاني؛ الحكم الجمالي

تأطير إشكالي؛
بعد أن يتم إنجاز العمل الفني، غالبا ما تواجهنا صعوبة في الحكم عليه، الأمر الذي يفرض طرح مجموعة من التساؤلات من قبيل: ما معيار الجمال؟ كيف نحكم على عمل فني ما بأنه جميل؟ ما المقصود بالحكم الجمالي؟ هل هو حكم ذاتي يختلف من شخص إلى آخر أم أنه حكم عام وكوني يتفق حوله الجميع؟ وكيف مميز بين الحكم الجمالي والحكم المعرفي؟

مطلب التحليل؛

موقف دافيد هيوم؛ تحليل نص: «نسبية الأحكام الذوقية»

يؤكد دافيد هيوم على نسبية الحكم الجمالي ويعتبر أن الإنتاجات الفنية لا تعجبنا إلا بنزعتها إلى إنتاج غاية ممتعة ومفيدة، فالحكم الجمالي إذن، وكأي حكم ذاتي حكم نسبي. أي أن التقديرات الفنية والإحساسات الجمالية تتمتع بنسبية، وهي تستمد قيمتها من الاستعمال الذي تخضع له. وهذا هو مصدر اختلاف الأحكام الذوقية (الجمالية) بين الناس. «فليس الجمال والامتاع في أغلب الحالات صفتين مطلقتين، وإنما نسبيتان، فالإنتاجات الفنية لا تعجبنا إلا بنزعتها إلى إنتاج غاية ممتعة ومفيدة».

مطلب المناقشة

موقف فريدريك هيغل؛ تحليل نص: الجمال الفني والجمال الطبيعي

«إن الجمال الفني أسمى من الجمال الطبيعي»، أي أن الحكم الجمالي بالنسبة لهيغل حكم مرتبط بالروح وليس بالحواس التي تقتصر على المظاهر الطبيعية المحسوسة، وبذلك يكون كل ما له علاقة بالفكر الإنساني في مجال الإبداع ارقى وأسمى مما يوجد في الطبيعة. يقول هيغل «إن كل ما يأتي من الروح، أسمى مما هو موجود في الطبيعة. وأردأ فكرة تخترق فكر الإنسان أفضل وأرفع من أعظم إنتاج الطبيعة. وهذا بالتحديد لأنها تصدر عن الروح، ولأن الروحي أسمى من الطبيعي».

موقف ايمانويل كانط؛ تحليل نص؛ الحكم الجمالي بين الذاتية والكونية / « الذوق الفني»

إن الحكم الجمالي حسب كانط نوع من الاشباع الخالي من أية منفعة، إنه نوع من الإعجاب الحر. إنه بالأساس حكم ذوقي لا يتأسس على العقل أو الحواس أو المفاهيم ( آليات المعرفة). حكم ذوقي يتعلق بملكة الحكم وهي ملكة تخص قدرتنا كبشر على الاحساس بمشاعر اللذة والإشباع أو الاستحسان والاستهجان. إذن فليس الحكم الجمالي حكما معرفيا، لكن ورغم ذاتيته فهو يتوق إلى أن يكون حكما كونيا مصادق عليه من طرف الجميع، وذلك من خلال ما اسماه كانط «الحس الجمالي المشترك».

موقف بيير بورديو؛

يرى بورديو أن الذوق ليس معطى ذاتي أو أنه كوني وعام، فالذوق في نظره نتاج تربية اجتماعية وثقافية بل وطبقية أيضا، ذلك أن الأذواق تختلف باختلاف الاتجاهات الفنية أو النقدية، بحيث ان الحكم الجمالي بخصوص صورة فوتوغرافية ما لا يكون حكما كونيا، وهذا راجع باختلاف منظور الأفراد لوظيفة الك الصورة. وهنا نكون أمام استطيقا تعددية ومشروطة، بفائدة إخبارية أو حسية أو أخلاقية كمبدأ التقدير. «فالحكم هنا لا يعتبر صورة شيء ما مستقلة عن الشيء موضوع الصورة. ... أو أنها تدل على ذاتها ولا تحتاج من ثمة إلى مرجع آخر غير ذاتها».

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق