أساس الاجتماع البشري مواقف مختلفة أفلاطون +أرسطو+ابن خلدون+روسو+هوبز+ستراوس

درس مفهوم المجتمع، أساس الاجتماع الإنساني

تقديم عام لمفهوم المجتمع:

يعد الإنسان الكائن الوحيد من بين جميع الكائنات العضوية المتميز بالوعي والمحكوم بعوامل اللاوعي، والانخراط في الجماعة أو المجتمع، ويقصد بالمجتمع حسب معجم لالاند "جماعة من الناس توجد بينهم علاقات منظمة ومصالح متبادلة"، ويطرح هذا المفهوم عدة إشكالات ترتبط بمفارقات فلسفية أو تقابلات مفاهيمية: فرد / مجتمع، طبيعي / ثقافي، سلطة / تحرر، تشابه / اختلاف، ... إشكالات يمكن التعبير عنها كالآتي: ما أساس الاجتماع البشري؟ ما علاقة الفرد بالمجتمع؟ وفيما تتمثل سلطة المجتمع؟ وما مصدر مشروعية تلك السلطة؟

المحور الأول: أساس الاجتماع البشري

تأطير إشكالي: إذا كان المجتمع البشري عبارة عن تجمع منظم من الأفراد تربط بينهم علاقات متداخلة، فهل يعني هذا أن الإنسان لا يستطيع العيش إلا داخل جماعة أو مجتمع ما؟ بماذا يفسر ميل الإنسان إلى الاجتماع؟ أيفسر بما هو طبيعي غريزي أم بما هو ثقافي اجتماعي وسياسي؟ بمعنى أخرن هل الاجتماع البشري فطرة وضرورة طبيعية أم اتفاق وتعاقد إرادي حر؟

الأساس الطبيعي للمجتمع

موقف أفلاطون: تحليل نص "الحاجة كأساس للاجتماع"

يؤكد أفلاطون أن الحاجة وعدم قدرة الفرد الواحد على توفير كل الضروريات التي تضمن له حياة طبيعية وعادية هي أساس كل تجمع بشري، ذلك أن الدوافع والعوامل التي تجعل الناس تميل نحو الاجتماع والانتظام في جماعة، هي في معظمها نابعة عن ضرورة طبيعية وهي حفظ البقاء بدرجة أولى، وما يستتبع هذه الضرورة من ضرورات أخرى فطرية هي حاجات لا بد للإنسان من تلبيتها والعمل على تحقيقها، وفي ذلك يكون في حاجة إلى الأخرين، فطبائع الناس تتبان ما يفرض أن يعمل كل فرد قادر على إنجاز عمل معين. هذا يضمن للمجموع أعني جماعة الأفراد بقاءها واستمراريتها.

موقف أرسطو، تحليل نص الإنسان كائن اجتماعي بالطبع؛ الهدف من الحياة الاجتماعية

على منوال معلمه أفلاطون، أكد أرسطو من جهته أن الإنسان حيوان مدني (اجتماعي، سياسي) بطبعه، معتبرا التجمعات البشرية هي تحقيق لطبيعة الإنسان والكمال لماهيته. فقدر الإنسان أن يعيش في مجتمع مع أبناء جلدته وأفراد نوعه. يقول أرسطو: "إن الميل الذي لدينا لتكوين تجمعات من هذا الشكل هو بالتأكيد أمر طبيعي"، ويقصد بهذا أن تكوين الدولة، المدينة، الأسرة، هي تشكيلات اجتماعية سابقة على كل واحد منا بمفرده، نشأت عن إحساس الإنسان بالخير والشر، بالعدل والجور، وغيرها من الإحسان والمفاهيم الأخلاقية.

موقف عبد الرحمان بن خلدون، تحليل نص؛ ضرورة الاجتماع البشري

يرى بن خلدون أن أساس الاجتماع البشري ضروري وطبيعي، فالإنسان بالفرد لا يستطيع تلبية حاجياته، إنما لا بد له في ذلك من التعاون والتكامل مع أفراد آخرين من نوعه أو جنسه حتى يتسنى له سد حاجاته الإنسانية وضمان البقاء، وتحقيق مبدأ الاستخلاف الإلهي للإنسان في الأرض.

البعد الثقافي التعاقدي لنشأة المجتمع

موقف جون جاك روسو: تحليل نص؛ مزايا  ومكاسب العقد الاجتماعي في الحياة المدنية

يذهب ج. جاك روسو إلى أن الإنسان لم يكن كائنا اجتماعيا إلا عندما أصبح مسالما، أي عندما ألزم نفسه باتفاق وعقد منظم لحياته، حيث سن قوانين وتشريعات ملزمة للجميع، وبدأ الناس يحتكمون إلى العقد الاجتماعي الذي يربط بينهم بشكل إرادي توافقي. فالمجتمع بهذا المعنى، حسب روسو، يرجع في أساسه إلى اتفاق وتعاقد إرادي بين الأفراد، انتقلوا بموجبه من حالة الطبيعة حالة الفوضى والاندفاع الغريزي الشهواني إلى حالة المدنية والنظام والاحتكام إلى صوت الواجب ونداء العقل، وهذا تبدلا ملحوظا في سلوك وحياة الفرد فقد اكتسب أدبا كان يعوزه من قبل ولم يعد يصغي سوى لعقله وللواجب بدل شهوته واندفاعه الجسماني كما أصبح يرى في المصلحة العامة تحقيقا لمصالحه الخاصة.

موقف توماس هوبز؛ تحليل نص: الاجتماع الإنساني تعاقد إرادي حر

يؤكد هوبز أن الاجتماع البشري يتحقق بفعل تعاقد يتنازل الأفراد بموجبه لصالح شخص أو مجلس عن جميع حقوقهم، ذلك أنه لم يكن بوسع الناس أن يخرجوا من دائرة العنف الطبيعي "حالة الحرب المزرية" التي كان فيها الإنسان ذئبا للإنسان، إلا بالتنازل عن حرياتهم وأهوائهم الطبيعية، والتعاقد على سلطة تشكل حاصل إرادتهم (الإرادة العامة). وهذا نشأ المجتمع بنشأة السلطة بفضل تعاقد إرادي حر.

التصور الأنثروبولوجي لتكون المجتمع الإنساني

موقف كلود لفي ستراوس: تحليل نص؛ التحريم ونشأة المجتمع

يُرْجِعُ ستراوس مصدر نشأة المجتمع إلى  أساس مختلف عن المبادئ التي حدده سابقيه، فليس الضرورة الطبيعية أو التعاقد أساس المجتمع في نواته الأولى ، أي العائلة. إن الانتقال من الطبيعة إلى الثقافة لم يتم كما بينه فلاسفة العقد الاجتماعي، إنما تم ذلك عبر مبدأ التحريم؛ تحريم انتهاك المحارم، وهو أساس المجتمع البشري، بحيث أن "هذا التحريم وحده هو الذي يعمل على إذابة الشروط البيولوجية للتزاوج والإنجاب، ويسمح للعائلات باستمرار أن تتحد في شبكة مصطنعة من المحرمات والإلزامات". ويمكن أن نفهم من ذلك أن المجتمع لم يكن لينشأ لولا مبدأ التحريم الذي أسس لعلاقة القرابة أو المصاهرة بين فردين من عائلتين مختلفتين.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق