المجتمع والسلطة طبيعة سلطة المجتمع الأولى باكالوريا

المـحور الثـالث: الـمــجـــتــمـع والـــســلـطـــة

تــأطــيــر إشـــكــالـــي:

إذا كان المجتمع يرجع في أساسه إلى الضرورة أو الحاجة من جهة، وإلى التعاقد والتنازل عن الحقوق من جهة ثانية، فلا بد من أن تكون هناك سلطة تنظم العلاقات بين الأفراد بعد انتظامهم في جماعة، سلطة تسن قوانين وتشريعات يكون الجميع أمامه ملزما بالتقيد بها. لكن هذا يثير لدينا سؤالا وهو: ما علاقة المجتمع بالسلطة؟ سؤال تتولد مجموعة من الأسئلة: من أين يستمد المجتمع سلطته؟ ثم ما طبيعة السلطة التي يتمتع بها؟ وهل هي ضرورية للاجتماع البشري؟

موقف سيغموند فــرويـد؛ تحليل نص: القهر الاجتماعي

يـبيـن فرويد كـيف أن الـمـجتمع يمــارس قـهـرا عـلى الأفـراد مـن خــلال الـتنشئة الاجتماعية، ما يدفعهم إلى القيام بسلوكات وأفعال تتنافى وميولاتهم أو رغـباتهم الـشخصية، وينتج عن هذا القهر تشوهات في شخصية الفرد بحيث يسلك ضد طبيعته. وبهذا يصح أن نعتبره منافقا، منغلقا على ذاته يكبت رغباته وغرائزه التي ومع ذلك تبقى يقظة تتحين فرصة الانفلات من رقابة المجتمع وتحقيق الإشباع.

هكذا فالقهر الممارس على الفرد من طرف المجتمع يجرد الفرد من دوافعه الغريزية، ويجعله يعيش في حالة من الاغتراب وبالتالي، نفهم أن للمجتمع سلطة قهرية جبارة تمارس على من خلال عملية التـنشئة الاجتماعية للأفراد.

موقف ألكسيس دوطوكفيل: تحليل نص؛ الاستبداد الاجتماعي

يرى دوطوكفيل أن المجتمعات الحديثة تعاني من ضيق لم تشهده المجتمعات من قبل، هذا الضيق أكثر وطأة من الاستبداد والاضطهاد. فقد أصبح الأفراد مجرد كائنات غريبة معزولة عن محيطها، فكل واحد ينشغل بتحقيق ملذاته ولا يعير وجود الأخرين أي اهتمام، ويرجع السبب الرئيسي في كل ذلك ( ما يعانيه الأفراد) إلى السلطة الجبارة والمطلقة التي تسهر على تلبية حاجات ورغبات الأفراد بشكل يتجاوز إرادتهم. إنها السلطة الصادرة عن المجتمع والتي تجعل الأفراد عاجزون يعانون قلق التفكير وشقاء العيش.

موقف رالف لينتون: تحليل نص لماذا تحكم عملية التنشئة الاجتماعية نظام الفرد؟

يتمتع المجتمع حسب منظور لينتون بسلطة غير مباشرة على الأفراد، سلطة يمارسها من خلال عميلة التنشئة الاجتماعية بحيث تهدف إلى ترسيخ النماذج الثقافة للمجتمع وتربية الناشئة على قيمه ومثله الأخلاقية، باعتبارها آليات وضوابط ضرورية للحياة، وبالرغم من خضوع الفرد للمجتمع، فإنه لا يعترض على ذلك، بل إنه يدافع عن قيمه ومصالحه العامة، ويلبي حاجاته الأساسية من عملية التنشئة الاجتماعية التي يخضع لها، ويعمل كذلك على نقل ثقافة المجتمع للجيل اللاحق لتتخذ مبدأ الديمومة (الاستمرارية).

موقف جون لوك: تحليل نص التعاقد مصدر سلطة المجتمع

إن المجتمع لا يمكن أن يعتبر سلطة ما لم تتأسس هذه السلطة عن إرادة عامة للأفراد، بحيث يؤسسون هيأة أو حكومة متفق عليها تعبر عن رغبة الأكثرية، وهكذا يكون المجتمع سلطة تفرض القوانين والتشريعات على الأفراد تنظيما للشأن العام للمجتمع أو الدولة، بحيث يتقيد كل فرد بالقرارات الصادرة عن الأكثرية التي أصبح لها سلطة أو صلاحية إصدار الأحكام، "إن قرار الأكثرية يعتبر بمثابة قرار المجموع، وفقا لكل من العقل والسنة الطبيعية". إذن فبالاتفاق والتعاقد يستمد المجتمع سلطة على الأفراد.

موقف جان بيشلر: تحليل نص السلطة والمجتمع

يرى بيشلر أن كل سلطة منظمة، أي كل دولة تُقدِمُ على استعمال ثلاثة عناصر تمتزج بينها بنسب متفاوتة حسب خصوصياتها (الدولة): القوة السافرة، الحظوة والنفود المعنوي أو الرمزي، والكفاءة التقنية والإنجاز. وعندما يختل التوازن بين تلك العناصر تميل السلطة إلى الاستبداد القوة والعنف، ودور المجتمع يتمثل في الحرص على التوازن والعمل على مضاعفة الإيجابيات والحد من السلبيات. "على كل مجتمع أن يُوجِدَ الحلول التي تمكن السلطة من مضاعفة إيجابياتها والحد من سلبياتها. إن السلطة شيء ملازم للمجتمع ولا يمكن الفكاك منها".

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق