المحور الأول الشغل خاصية إنسانية ما المقصود بالشغل؟ ولماذا هو خاصية إنسانية؟ دروس الأولى باك

الشغل خاصية إنسانية، مادة الفلسفة، الأولى باكالوريا آداب وعلوم.

مفهوم الشغل: تقديم إشكالي

    يتحدد الشغل في دلالته اللغوية العربية، كلفظ مشتق من فعل شَغل، يشتغل، شغلا، أي القيام بفعل ما، وأما في دلالته الفلسفية فهو يشير إلى النشاط الذي يقوم به الإنسان في علاقته بالطبيعة، أي الجهد البدني أو الفكري الذي يبذله الكائن من أجل تحويل عناصر الطبيعة إلى أشياء ذات معنى وفائدة، أو أشياء قابلة للاستهلاك وتلبية الحاجات المختلفة. وتلبية الحاجات بالنسبة للإنسان يتطلب تظافر الجهود، وتحرير الطاقات والقدرات الفردية والجماعية. هكذا ومن خلال ما ذكرناه وكما جاء في التعريف يمكن أن نستخلص بعض القضايا والإشكالات المرتبطة بمفهوم الشغل؛ الشغل كخاصية إنسانية، تقسيم العمل، فالشغل بين الحرية والاستلاب.

المحور الأول؛ الشغل خاصية إنسانية

تقديم إشكالي؛

إن المتأمل في عنوان المحور أول ما يتبادر إلى ذهنه هو أن ما يقوم به الإنسان من أنشطة وأشغال تختلف عن تلك التي تقوم بها الكائنات الأخرى. لذا تتساءل؛ ما الذي يميز الشغل عند الإنسان عن الشغل لدى الحيوان؟ وما المقصود أولا بالشغل؟ ولماذا هو خاصية إنسانية؟ وهل ما تقوم به الكائنات الأخرى لا يرقى إلى مستوى الشغل أو ما يقوم به الإنسان من أنشطة؟

موقف كارل ماركس، تحليل نص الشغل كفعل بين الإنسان والطبيعة

يتميز الشغل كفاعلية إنسانية تجاه الطبيعة بكونه جاء أو ظهر كثمرة للتفكير والتخطيط بالسابق على الإنجاز بالنسبة للإنسان، والإنسان عندما يشتغل يحرك القوى الكامنة فيه فيحول الطبيعة وبغير من طبيعته ذاتها فينمي تلك القوى أو الملكات الكامنة فيه. بينما العمليات التي يقوم بها الحيوان فلا يمكن اعتبارها شغلا بالرغم من الدقة والبراعة التي تميزها، فهي لا تعدو كونها عمليات غريزية لا تغير من طبيعته شيئا، وهذا على خلاف الإنسان الذي كما أسلفنا فإنه إذ يغير الطبيعة يغير من ماهيته كذلك.

موقف موسكوفيتشي، تحليل نص الشغل وأبعاده

يعتبر الشغل فعل إنساني يسمح بما هو مهارة أو معرفة بتحول النظام العضوي البشري، أي نمط حياته، إضافة إلى التأثير بشكل مباشر أو غير مباشر في قوى الطبيعة، بحيث يتمكن الإنسان بواسطة الشغل من إعادة إنتاج القوى الطبيعية أو تطويرها. وبفعل فعل الشغل تبرز ملكات الإنسان وتتطور مهاراته. وهكذا فالشغل كفعل إنساني أساسي يخلق، حسب موسكوفيتشي نوعين من الآثار: منتوجات، وإبداعات؛ المنتوجات ضرورية لحفظ البقاء، والإبداعات تؤثر في الإنسان وتؤكد تفوقه على الطبيعة.

موقف فريدريك نيتشه، تحليل نص لماذا لا يجب تمجيد الشغل؟

يبين نيتشه وعلى خلاف ماركس وموسكوفيتشي أن الشغل لا يدفع الإنسان إلى اكتشاف ذاته وتطوير المهارات لكامنة فيه، بقدر ما يدفعه – حسب نستشهد – إلى قتل تفرده وتميزه، بحيث يعرقل تطور العقل ويمنع من إشباع الفرد لرغباته الطبيعية. إن تمجيد الشغل هو تثبيت للقيم الكاذبة والبحث عن الثروة بأي ثمن ولو على حساب الجسد والحياة والتفكير، أي أن الشغل في نظر نيتشه وسيلة لضبط الأفراد وتحقيق مجتمع أكثر أننا واستقرارا.

موقف مشيل فوكو، تحليل نص الشغل أو العمل متحدث للموت

يبرز فوكو من خلال نصه أهم الدوافع التي جعلت الإنسان يشتغل، فالشغل في نظره نشاط أو فعل إنساني لا يجد تفسيره، إلا باعتباره ردة فعل من الإنسان في اتجاه تحدي الموت، فالإنسان لجأ إلى الشغل بفعل تهديدات الموت، ذلك أن تزايد عدد السكان وتقلص الموارد الطبيعية، هو ما دفع الإنسان إلى الشغل والعمل بحثا عن مصادر وموارد جديدة للغذاء وضمان استمرار وجوده. وكلما زاد النمو الديمغرافي، أصبح الشغل أكثر صعوبة.  يقول فوكو: "إن البشرية لا تشتغل في كل فترة من حياتها إلا تحت تهديد فكرة الموت، إذ كل مجتمع إذا لم يعثر على ثروات جديدة محكوم عليه بالفناء. وبالعكس من ذلك فقدر ما يتزايد البشر، بقدر ما اكثر معهم أعمال متنوعة، متباعدة فيما بينها وأكثر صعوبة من ذي قبل".

موقف جلبير هوتوا؛ تحليل نص ما علاقة الشغل بالمعنى؟

يذهب هوتوا إلى أن الشغل هو الذي يمنح للوجود الإنساني معنى بحيث يؤسس للقيم الاجتماعية، وهذا يؤكده قوله: "إن الشغل هو الذي يضفي المعنى على الحياة الفردية والجماعية". إن للشغل دور لا غنى عنه في تحديد هوية الفرد كمواطن، ومزاولته لحقوق المواطنة، وتسهيل تحقيق السعادة وحفظ البقاء.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق