المحور الثاني الفرد والمجتمع علاقة ترابط أم استقلال وانفصال

درس مفهوم المجتمع، الفرد والمجتمع الأولى باك آداب وعلوم

تقديم لمفهوم المجتمع:

يدل مفهوم المجتمع على كل تجمع يضم مجموعة من الأفراد (جماعة بشرية) يرتبطون فيما بينهم بشبكة من العلاقات والروابط المتنوعة، ضمن مؤسسات تسهر على تنظيم شؤونهم وتلبية حاجاتهم وتحقيق سعادتهم، ويعتبر المجتمع من جهة أخرى بمثابة سلطة تقوم بعملية الضبط والتحكم من خلال مؤسسات وقوانين وقواعد توجه وعي وسلوك الفرد. فما علاقة الفرد بالمجتمع؟ وكيف ظهر المجتمع؟ وما علاقته بالسلطة؟

المحور الثاني: الفرد والمجتمع

تأطير إشكالي: إذا كان الإنسان كفرد يعتبر عضوا ينتمي إلى المجتمع، فهل معنى ذلك أن الفرد لم يكن له وجود قبل ظهور الأشكال الأولية للتنظيم الاجتماعي (العائلة أو الأسرة، القبيلة...) أم أن ذلك يعني أن الإنسان كان يعيش وفق الحق الطبيعي ولم يحقق الانتقال من حالة الطبيعة إلى عالم الثقافة إلى المجتمع؟ ما طبيعة العلاقة التي يمكن أن تجمع بين الفرد والمجتمع؟ هل الفرد كائن مستقل عن الجماعة أم تابع لها ملزم بإكراهاتها؟ وهل يكتمل وجود الفرد داخل المجتمع أم خارجه؟

موقف أرسطو: تحليل نص؛ المجتمع سابق على الفرد

يعتبر المجتمع سابق على الفرد، فالمجتمع هو الكل والفرد هو الجزء، والكل لا بد سابق على الجزء، بل إن الكل هو الذي يحدد قيمة الجزء. لذلك يرى أرسطو أن الإنسان حيوان سياسي / اجتماعي مدني بطبعه، أي لديه ميل طبيعي للعيش في جماعة، وفي ذلك يتحقق له الخير الأسمى أو الكمال بحيث "إن الفرد المنعزل غير قادر على أن يكفي ذاته بذاته". وهذا يعني أن الفرد محكوم عليه بأن ينتمي إلى المجتمع وأن يتقيد بشروطه وإلزاماته، بحكم الضرورة الطبيعية.

موقف إميل دوركايم: تحليل نص؛ الفرد والتماسك الاجتماعي - تبعية الفرد للمجتمع

إن المجتمع في نظر دوركايم يُعرف بسيادة نوعين من التضامن تتحدد وفقهما علاقته بالفرد؛ التضامن الآلي والتضامن العضوي، الأول تختفي فيه فردية الفرد وذاتيته في الوعي الجمعي فيكون بذلك مشابها للكل تابعا للمجتمع، وأما الثاني التضامن العضوي فيتمتع فيه الفرد باستقلال نسبي إلى حد ما بحيث يقوم بدور مختلف عن أدوار باقي الأفراد، وذلك في ظل تقسيم العمل وتوزيع المهام. لكن الفرد يظل تابعا ومنصهرا في حياة الجماعة خاضعا لتأطير وتوجيه المجتمع والإكراهات الاجتماعية، وبذلك يضمن المجتمع وحدته وتماسكه.

موقف كارل ماركس: تحليل نص؛ كيف ظهر مفهوم الفرد

لقد ذهب ماركس في تناوله لمسألة علاقة الفرد بالمجتمع إلى البحث في جذوها التاريخية، حيث اعتبر أن الواقع الاجتماعي والاقتصادي وما شهده من تحولات عبر التاريخ هو ما ساهم في بروز مفهوم الفرد. وفي ظل تطور العلاقات الاجتماعية بين طبقات المجتمع، "لم يعد الإنسان كائنا اجتماعيا فحسب، بل إنه حيوان لا تتحقق فردانيته إلا داخل المجتمع" فلا مجال لفرد عزول يعيش خارج المجتمع. أي أن الفرد بشكل أو بأخر تابع للمجتمع.

موقف ألكسيس دوطوكفيل؛ تحليل نص؛ هل الفردانية انحراف؟

يميز دوطوكفيل بين الأنانية والفردانية، فالأنانية هي الحب المفرط  والمبالغ فيه للذات، مقابل التحقير الشنيع للغير. أما الفردانية فهي شعور متأصل بحرية الفرد الذاتية في اتخاذ القرار الذي يناسب مصلحته وعائلته وأصدقاءه. ما يعني أن الفردانية هي خلق لمجتمع مصغر وخاص. وقد ارتبط ظهورها بظهور الديمقراطية، ما سمح للفرد بالانعزال عن المجتمع الكبير وخلق مجتمع خاص به.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق