المحور الثاني: الإنسان كائن ثقافي: مظاهر الثقافة (اللغة، المؤسسة)
يتميز الإنسان عن باقي الكائنات بالعقل، وهو ما
جعله كائنا ثقافيا بامتياز، وتتجلى ثقافته في العديد من المظاهر والتجليات، ومن
أبرزها: اللغة، والمؤسسات، وأنماط العيش، والتبادل.... فبأي معنى يمكن اعتبار
الإنسان كائنا لغويا؟ وما الذي يميز اللغة الإنسانية عن اللغة الحيوانية؟ ما هي
المؤسسة؟ وكيف ظهرت؟ وبأي معنى يمكن اعتبار المؤسسة مظهرا من مظاهر الثقافة لدى
الإنسان؟
أولا: تحليل نص كلود ليفي ستراوس: الإنسان كائن
لغوي:
أفكار النص وعناصره الأساسية:
1. ينتقد ستراوس التصور الذي يحدد الإنسان بخاصية
الصنع، كعلامة دالة على الثقافة، وذلك لأنه هناك حيوانات قادرة على صناعة الأدوات،
غير أنها ما تزال حبيسة الطبيعة،
2. التأكيد على أن اللغة المتمفصلة القابلة للترجمة،
والتي تسمح للإنسان بالحوار والتواصل لا صناعة الأدوات هي التي تنقلنا إلى عالم
الثقافة،
3. يبين صاحب النص كيف أن اللغة ظاهرة ثقافية
بامتياز، إذ تشكل جزءا من تلك الاستعدادات التي نكتسبها من المحيط الخارجي، وأنها
الأداة الرئيسية التي نتمثل بواسطتها ثقافة المجتمع ونتعلمها،
البنية المفاهيمية للنص:
الثقافة: هي مجموع الأنشطة
الفكرية التـي ينتجها ويجسدها الإنسان في مجتمع معين (فن، تقنية، لغة، مؤسسات،
تقاليد، عادات...)
الإنسان الصانع: هو الكائن الذي يصنع
الأدوات عن طريق تحويله للمواد الطبيعية إلى منتوجات صناعية وثقافية قابلة
للاستعمال.
اللغة: منظومة من الرموز
والعلامات والأصوات الدالة المتوافق عليها عند جماعة بشرية معينة، تقوم بوظيفة
تعبيرية تواصلية،
التمفصل اللغوي: ويعنـي في اللغة (اللسانيات):
قابلية الجمل والمنظومات اللغوية للتقطيع والتجزئة إلى عدد لا نهائي من المقاطع أو
الوحدات (الحروف والكلمات).
السنن:codes هو المخزون الذي
يتخيـر منه الفاعل المتكلم مجموع الوحدات التـي تؤلف الملفوظ أو الرسالة.
البنية الحجاجية للنص:
ألية الدحض: رفض فكرة أن صناعة
الأدوات هي العلامة الدالة على الثقافة، وإنما العكس فالعلامة المميزة للثقافة هي
اللغة المنطوقة المتمفصلة،
ألية الافتراض/المثال: هناك بعض الحيوانات
لها القدرة على صنع أدوات معينة، لكنها لا تستطيع الكلام مثلنا نحن البشر،
ألية الاستنتاج: اللغة خاصية مميزة
للإنسان وهذا ما يجعل منه كائنا ثقافيا.
موقف كلود ليفي ستراوس:
يمكن أن نعرف الإنسان لا بكونه صانع، إنما
بامتلاكه لغة متمفصلة تمكنه من إبداع رموز وكلمات جديدة، وبالتالي التواصل مع
الأخرين ما يمكنه من استيعاب وفهم ثقافة مجتمعه. وهذا ما يجعل من الإنسان كائنا
ثقافيا، باعتبار اللغة الظاهرة الثقافية بامتياز.
ثانيا: تحليل نص مالينوفسكي: (المؤسسة تحكم في الحاجة وتحويل لها)
سؤال النص:
ما المقصود بالمؤسسة؟ كيف تتحكم في حاجات وغرائز
الفرد؟ ما هي مظاهر الثقافة لدى الإنسان؟
أفكار النص وعناصره الأساسية:
1. يعتبر الإنسان كائنا ثقافيا والمؤسسات مظهرا من
مظاهر الثقافة لديه، ومن خلال المؤسسات يلبي حاجاته بشكل منظم وهادف،
2. تقوم كل مؤسسة يبتكرها الإنسان (الأسرة مثلا)
بتلبية حاجاته وتحويل دوافعه الغريزية، وذلك وفق ميثاق ومعايير محددة لعمل المؤسسة
وللعلاقات بين الأفراد،
3. تتوفر كل مؤسسة على جهاز مادي يخول لها القيام
بوظيفتها، أي تتوفر على بنية تحتية وأجهزة وأدوات ووسائل كالبيت والجرار...
مفاهيم النص الأساسية:
المؤسسة: بنية أو جهاز مادي ذا نظام
اجتماعي يخضع لميثاق وقوانين منظمة تهدف تحقيق حاجات الناس بشكل معقلن،
الأسرة: وحدة أو مؤسسة
اجتماعية تنبني على أساس علاقة مصاهرة بين جنسين، وفق أسس وضوابط أخلاقية وقانونية.
الحاجة: الضرورة البيولوجية التي تتوقف عليها حياة الكائن الحي (الإنسان، الحيوان)، وتحيل على كل ما ينقص الإنسان ويعوزه مثل (الأمن، المسكن، العمل، الغذاء...)
موقف صاحب النص؛ مالينوفسكي
يتحدد الإنسان بأن كائن مؤسساتي اجتماعي، إذ يعيش داخل مؤسسات من ابتكاره وخلقه، تتأسس بناء على تعاقد إرادي بين أفراد الجماعة التي ينتمي إليها، ومن خلال نشاطه داخل المؤسسات كالأسرة، والمدرسة، فيحقق جل حاجياته على نحو منظم وهادفن وبذلك يكون كائنا ثقافيا.